توقيت القاهرة المحلي 19:32:26 آخر تحديث
الجمعة 25 نيسان / أبريل 2025
  مصر اليوم -
أخبار عاجلة

هل ترضى إيران من الغنيمة بالإياب؟

  مصر اليوم -

هل ترضى إيران من الغنيمة بالإياب

بقلم : نبيل عمرو

هذا قولٌ يصلح لأن نصف به كلّ من يسعى إلى غنيمة ولا يطالها، ولكي لا يواصل سعيه وتزداد خسائره، بينما غنيمته تبدو مستحيلة، فالأفضل له أن يتراجع عن مسعاه، فيكون بذلك قد أنقذ نفسه بالإياب.

ينطبق هذا القول أيضاً على قادةٍ عظامٍ لم يهزموا الخصم في معركة كبرى، إلّا أنّهم حقّقوا لجيشهم انسحاباً أنقذه من هزيمة محقّقة، وسُجّل لهم إنجازٌ ينطبق عليه القول “رضي من الغنيمة بالإياب”.

حتّى الدولتان العظمَيان في القرن العشرين الاتّحاد السوفيتي وأميركا، اللتان قامتا بغزوات ضخمة، ارتضتا لنفسيهما من الغنيمة بالإياب حين لم تحقّقا ما سعتا إليه، وآخر من انطبق عليه هذا القول في زمننا الهروب السوفيتي من أفغانستان، والهروب الأميركي من المكان نفسه.

حتى نحن العرب راودتنا أحلام إمبراطورية، ورفعنا من أجلها شعار الوحدة كما لو أنّنا نستنسخ ولو بالتمنّي إمبراطوريّاتنا الغابرة كالإمبراطوريّتين الأمويّة والعبّاسيّة، وحين صدمتنا الوقائع القاسية التي تجهز وحدها على الخيالات، رضينا من الغنيمة الإمبراطورية بالإياب، وها نحن نرى حالنا، وقد ينطبق علينا القول: “إنجُ سعد فلقد هلك سُعيد”.
حتّى الدولتان العظمَيان في القرن العشرين الاتّحاد السوفيتي وأميركا، اللتان قامتا بغزوات ضخمة، ارتضتا لنفسيهما من الغنيمة بالإياب حين لم تحقّقا ما سعتا إليه

هرولة خلف السّراب

إخوتنا الإيرانيون كانوا مثلنا أصحاب إمبراطورية عظمى، انطبق عليها القانون الحتمي، فسادت ثمّ بادت، إلّا أنّ الحلم الإمبراطوري لم يفارق الشاه “ملك الملوك”، الذي سعى إلى حلمه إلى أن عاجلته الأقدار بسقوطه وتصفية نظامه، ويرثه الثوّار الذين تغلّبوا عليه… لم يرثوا حكماً وحسب، بل وحُلْماً أيضاً، وكأنّ التطلّع إلى استنساخ إمبراطوريّات ذوت أشبه بفيروس لا علاج له يصيب مجتمعات ونظماً ودولاً، وقد أصاب إيران، إذ أدخلها في صراع مرير ومكلف بين الحلم الموروث والوقائع المضادّة، وبوسعنا تقدير كم خسرت إيران في هذا الصراع، وبناءً على النتيجة ينهض السؤال الكبير: هل ترضى إيران من الغنيمة المستحيلة بالإياب؟ كيف ومتى؟

في وقتنا الحاضر يُفترض أن تتساءل إيران بعد كلّ الذي حدث، ما الذي يتعيّن عليها أن تفعله؟ أما تزال تراودها الأحلام الإمبراطوريّة؟

منذ نجاح ثورة الخميني في إطاحة نظام الشاه، واعتناقها شعار تصدير الثورة، دخلت الدولة الإيرانية حروباً مباشرة، وأخرى من خلال الأذرع، وأنفقت عليها مبالغ ضوئية على حساب اقتصادها وتنميتها. كانت شعارات حروب إيران مستحيلة التحقّق، ولم يكن صنّاع القرار فيها يصغون للتحذيرات من داخلها ومن حولها من أنّ ما هي ماضيةٌ فيه أشبه بجري وراء سراب، فكلّما بدا أنّها تقترب منه كان يبتعد إلى أن جاءت جردة الحساب الأخيرة.

في زمن قياسي خسرت الدولة الإيرانية جميع مقوّمات نفوذها الذي كان هشّاً في الأساس. كان ذلك بديهيّاً لافتتاحها حروب الأذرع من دون توافر الحدّ الأدنى من التوازن مع الخصم، الذي هو أميركا وأذرعها وكلّ من معها من دول الأطلسي.

كانت سماء إيران مكشوفة لأحدث وأقوى طائرات حربية من كلّ الأجيال، وداخلها مخترق حتّى النخاع، وكلّ ما حولها قلقٌ منها ومن تطلّعاتها التوسّعية. أمّا الأذرع التي جرت المراهنة عليها لتعظيم النفوذ، فقد جرى الاستفراد بها الواحدة تلو الأخرى، حتّى أعلنت هي ذاتها فكّ الارتباط المفترض بينها، وإن بقي بعضٌ منه، فلا أثر له في إحداث توازن الحدّ الأدنى الذي يديم حرباً ويحقّق نتائج سياسية.
في زمن قياسي خسرت الدولة الإيرانية جميع مقوّمات نفوذها الذي كان هشّاً في الأساس

الجواب لدى المرشد

الآن… الأذرع التي أُنفق الكثير عليها إن قاتلت دفاعاً عن نفوذها المحلّي فهي تقاتل بلحمها الحيّ، وبأجنداتٍ تراجعت إلى ما دون حدّها الأدنى، ولم تعد إيران عرّابة الأذرع بقادرة على تقديم اليسير ممّا كانت تقدّم في زمن ازدهار وهم النفوذ. ففي غزّة مثلاً… ما الذي يمكن أن تقدّمه لها إيران حين تبدأ إعادة الإعمار؟

في لبنان حيث “الحزب” وحاضنته الجريحة في كلّ مكان على أرض البلد، يُطرح السؤال نفسه: ما الذي في وسع إيران تقديمه لإعادة البلد إلى بعض ما كان عليه قبل الحروب، وآخِرتها لم تتوقّف بصورة نهائية بعد؟

أمّا اليمن فقد تمّت مغادرته ليواجه أقداره بلحمه الحيّ.

يبدأ اليوم التفاوض مع أميركا، إن لم يكن تحت النار المباشرة فتحت التهديد بها، وإيران تفاوض عزلاء عن الجغرافيا السورية الثمينة التي كانت بحوزتها، وعن الأذرع التي بُترت في كلّ مكان، فهل في إيران من يفكّر جدّياً في ميزة الرضا من الغنيمة بالإياب؟ لا أحد يعرف غير المرشد!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل ترضى إيران من الغنيمة بالإياب هل ترضى إيران من الغنيمة بالإياب



GMT 19:29 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

الهادئ كولر والموسيقار يوروتشيتش

GMT 18:24 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

قرار تأخر 79 عاما

GMT 06:57 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

سر الرواس

GMT 06:54 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

حلّ «إخوان الأردن»... بين السياسة والفكر

GMT 06:52 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

دارفور وعرب الشتات وأحاديث الانفصال

GMT 06:47 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

أقصر الطرق إلى الانتحار الجماعي!

GMT 06:44 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

بعثة الملكة حتشبسوت إلى بونت... عودة أخرى

نانسي عجرم تتألق بالأسود اللامع من جديد

بيروت ـ مصر اليوم

GMT 22:39 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

معرض فني يجمع الأمير هاري والأمير سيزو في نيويورك

GMT 10:33 2023 الجمعة ,03 آذار/ مارس

نصائح لتطبيق الكونتور للوجه بشكل صحيح

GMT 00:18 2021 السبت ,02 تشرين الأول / أكتوبر

شركة "نيسان" تعرض تسوية في قضية تعويضات لكارلوس غصن
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon