توقيت القاهرة المحلي 18:56:38 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أسئلة بعد مقتل السنوار

  مصر اليوم -

أسئلة بعد مقتل السنوار

بقلم : عبدالله بن بجاد العتيبي

 

الموت والدمار والتخريب نتائج مؤكدة لكل حربٍ؛ فالحروب لا تراعي حياة ولا تقيم وزناً للبشر، وقد دخل السنوار حرباً مع إسرائيل في قطاع غزة قبل عامٍ، وأعلنت إسرائيل مقتله، الأسبوع الماضي، لتُطوى صفحة قاسية من صفحات معاناة الشعب الفلسطيني المغلوب على أمره في غزة.

ليس في الموت شماتة، ولكن موت شخصٍ كان له تأثيرٌ كبيرٌ على مستقبل شعبٍ بأكمله يحتاج لوقفات تأملٍ، وطرح أسئلة ملحة، لأن الأوضاع في قطاع غزة أصبحت غير إنسانية بأي حالٍ.

هذه الأسئلة يجب أن تكون صادقة بحجم أهمية القضية الفلسطينية عربياً وإسلامياً ودولياً، وبحجم أهمية الشعب الفلسطيني ومستقبله ومستقبل دولته، حتى يستطيع الناس أن يضعوا النقاط على الحروف، وحتى يمكن الحديث عن استقرار وأمنٍ ودولة.

فما القضية الفلسطينية؟ ومَن يمثل هذه القضية؟ وهل من حق أي طرفٍ أو فصيلٍ أن يتخذ ما يحلو له من قراراتٍ تتعلق بالسلم والحرب من دون تفويضٍ من الشعب؟ أما القضية الفلسطينية فهي معروفة، وهي قضية عادلة، ويمثل هذا الشعب تمثيلاً كاملاً «منظمة التحرير» التي انبثقت عنها «السلطة الفلسطينية»، وهذا ما تقرّ به كل الدول العربية بلا استثناء، ومن هنا فـ«منظمة التحرير» و«السلطة الفلسطينية» فقط هما مَن بيده تمثيل هذا الشعب واتخاذ قرار السلم والحرب.

من هنا فمن البديهي أنه لا يحق لأي شخصٍ أو فصيلٍ أن يختطف قرار الشعب ويدخله في أي مغامراتٍ غير محسوبة العواقب تحت أي مبررٍ أو ذريعة، ويجب أن يكون هذا الشعب هو صاحب القرار الأول والأخير في حياته ومستقبله وطبيعة دولته وعلاقاتها بإسرائيل ودول الجوار والعالم بأسره، ولكن الواقع يقول بوضوح إنه منذ 2007 قام فصيل فلسطيني بانقلابٍ عسكري دموي بشعٍ ضد «السلطة الفلسطينية» في غزة وتولّى حكم قطاع غزة منذ ذلك الحين، وهو يحارب السلطة الفلسطينية ويرفض أن يكون لها أي تأثيرٍ على مصير القطاع.

خاض الشعب الفلسطيني عشرات المعارك والحروب على مدى عقودٍ من الزمن داخل فلسطين وخارجها، ثم اختار طريق السلام، ووقَّع معاهدة أوسلو للسلام في النصف الأول من التسعينات، ثم قدمت السعودية مبادرة عربية للسلام مع إسرائيل عُرِفت بـ«المبادرة العربية للسلام»، وحظيت بإجماع كاملٍ من كل الدول العربية، وأصبح السلام هو الخيار الاستراتيجي تجاه القضية الفلسطينية، لأنه الخيار العقلاني والواقعي الوحيد.

في ظل صراعات المنطقة المحتدمة والدائمة، خرج منذ عقودٍ محورٌ إقليمي غير عربي يرفع شعار «المقاومة» و«الممانعة»، ويرفض السلام ويختار الحرب، وباسم القضية الفلسطينية تمدد هذا المحور وسيطر على القرار السياسي في 4 دولٍ عربية، هي: العراق وسوريا ولبنان واليمن. وبعد الانقلاب العسكري في قطاع غزة اختار الفصيل المنقلب أن يترك الدول العربية وخيارها المجمع عليه بالسلام، وانضم إلى محور المقاومة.

أصبح هذا الفصيل يُحكِم سيطرته التامة على قطاع غزة، ويدخل كل بضع سنواتٍ في حربٍ مع إسرائيل يتكبد فيها القطاع خسائر لا تُحصى، حتى وصلت الأمور إلى السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وارتكب هذا الفصيل حماقة سياسية جرّت على القطاع حرباً شعواء لا تبقي ولا تذر، وهي مستمرة إلى اليوم، ولا تزداد إلا عنفاً وقتلاً وتدميراً.

والسؤال الذي يلحّ على الذهن، هو: ماذا لو أن السنوار قُتِل في نفس اليوم، ولكن قبل سنة واحدة فقط؛ فماذا ستكون النتيجة؟ والجواب قد يشكل صدمة بحجم معاناة الشعب الفلسطيني في غزة من هذه الحرب المدمرة؛ فلو حدث ذلك، لبقي 50 ألف مواطن فلسطيني في بيوتهم وبين أهلهم وأحبابهم من دون موت ومآسٍ وفجائع، ولبقي لبنان شبه دولة يسيطر عليها حزب إيراني العقيدة والولاء السياسي، ولما اضطرّ رئيس وزرائها نجيب ميقاتي للرد على رئيس البرلمان الإيراني الذي صرح، مثل المندوب السامي لأي بلد مستعمر، ولبقي اللبنانيون آمنين.

لتَصَوُّر حجم الفاجعة، تخيل أي مدينة في بلدك عدد سكانها خمسون ألفاً، وتصور أن كل من فيها، رجالاً وشيوخاً ونساءً وأطفالاً قد قُتِلوا عن بكرة أبيهم، وكل ذلك لأجل شخصٍ واحدٍ وآيديولوجيا واحدة لا يقرها أهل المدينة ولا يرضونها.

مخطئون حدّ الجريمة مَن هتفوا قبل عامٍ بشعاراتٍ فجة حول المقاومة والممانعة، ثم عاشوا آمنين بين عوائلهم وفي بلدانهم تجري عليهم أرزاقهم كل يومٍ من دون خوفٍ أو وجلٍ، يشاهدون الفضائيات ويتأملون كيف يُقتَل سكان غزة كل يومٍ، ولا يجدون حرجاً في كتابة المقالات أو المشاركة في «السوشيال ميديا»، لينشروا شعاراتٍ جوفاء عن المقاومة والاحتلال ويحرّضوا على الحرب من غرفهم المكيفة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أسئلة بعد مقتل السنوار أسئلة بعد مقتل السنوار



GMT 09:31 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الخاسر... الثاني من اليمين

GMT 09:30 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب «الجيل الرابع» تخوضها إسرائيل في لبنان!

GMT 09:28 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الرياض... بيانٌ للناس

GMT 09:27 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الجملة التي أبطلت مقترح قوات دولية للسودان!

GMT 09:24 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

مستر أبو سمبل!؟

GMT 09:22 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة الرئيس المنتخب أم الفوهرر ترمب؟

GMT 09:21 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الفكرة بدأت في الرياض

GMT 09:20 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

مسعَد بولس بعد وعود ترمب

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 10:02 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة
  مصر اليوم - فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة

GMT 15:26 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو وميسي على قائمة المرشحين لجوائز "غلوب سوكر"
  مصر اليوم - رونالدو وميسي على قائمة المرشحين لجوائز غلوب سوكر

GMT 10:09 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد
  مصر اليوم - أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد

GMT 08:31 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك
  مصر اليوم - الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 17:42 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد عز يتحدث عن الفترات الصعبة في مشواره الفني
  مصر اليوم - أحمد عز يتحدث عن الفترات الصعبة في مشواره الفني

GMT 14:07 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

"يوتيوب" يختبر خاصية جديدة تعمل بالذكاء الاصطناعي
  مصر اليوم - يوتيوب يختبر خاصية جديدة تعمل بالذكاء الاصطناعي

GMT 00:26 2020 الخميس ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

موعد نهائي دوري أبطال أفريقيا بين الأهلي والزمالك

GMT 07:19 2020 الخميس ,08 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الدواجن في مصر اليوم الخميس 8 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 05:34 2020 الأربعاء ,07 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة تحضير مكرونة باردة بالجمبري

GMT 05:32 2020 الأربعاء ,07 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة تحضير عصير الليمون باللبن

GMT 23:50 2020 الأربعاء ,23 أيلول / سبتمبر

انخفاض سعر نفط خام القياس العالمي

GMT 23:25 2020 الأربعاء ,16 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تغلق التعاملات على ارتفاع

GMT 19:23 2020 الإثنين ,14 أيلول / سبتمبر

منال سلامة تكشف كواليس تعرضها لحادث مميت

GMT 23:49 2020 الأحد ,13 أيلول / سبتمبر

أسعار الدواجن في مصر اليوم الأحد 13 سبتمبر 2020

GMT 16:49 2020 السبت ,12 أيلول / سبتمبر

مقتل شخصين في تحطم طائرة قرب مطار لوس أنجلوس

GMT 04:59 2020 الأحد ,07 حزيران / يونيو

أحمد وفيق يحدد الجيل الذي احتفل بـ"النهاية"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon