توقيت القاهرة المحلي 01:34:39 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الخلاف و.. الود

  مصر اليوم -

الخلاف و الود

أسامة غريب

الخلاف فى الرأى لا يفسد للود قضية.. كلام فارغ. الخلاف فى الرأى لا يماثله شىء فى محو الود واستبدال الضغينة به.. لا يماثله شىء فى تدمير الصداقات ونسف العلاقات وتقطيع الروابط. هذه حقيقة يعلمها الجميع ولكن يرددون عكسها كالببغاوات دون أن يصدقهم أحد!. لقد كان من الممكن أن تصح هذه المقولة لو أن البشر كانوا يتحلون بالموضوعية والحيادية، أو لو كانوا أقل إعجاباً بالنفس وانحيازاً لخياراتها.. لكن الحاصل أن البشر حمقى، لذلك فإنهم لا يرحبون بمن يخالفهم حتى لو كان حسن النية.

والفرق بيننا فى الشرق وبين شعوب الغرب التى قطعت شوطاً طويلاً على طريق الديمقراطية ليس أننا نضيق بالخلاف بينما هم يحبونه، وإنما الفرق أنهم كفوا عن الضحك على أنفسهم وتوقفوا عن ترديد المقولة الغبية التى استوردناها منهم، ونجحوا فى إدارة الخلاف بآليات الديمقراطية.. فعلوا ذلك دون حب أو غرام وإنما حكّموا المصلحة التى اقتضت أنهم ماداموا سيعيشون معاً إلى الأبد فليجعلوا الكراهية الناشئة عن الخلاف- تلك التى لا مفر منها- تظهر على شكل أحزاب سياسية متنافسة، وجمعيات أهلية متسابقة، وجماعات ضغط متباينة الأهداف. ولقد ضمنوا بذلك أن يعيشوا مختلفين ولكن تحت مظلة القانون، وميزة القانون أنه لا يسمح للغضب الذى يولده الخلاف بأن يترك المختلفين مضرجين فى دمائهم على الرصيف أو سجناء داخل الأقبية، فقط بسبب أنّ من اختلفوا معه يمتلك القوة!

لكن لماذا يقوم الخلاف بإفساد الود على عكس المقولة الشائعة؟ أعتقد أن السبب يكمن فى أننا نخلط فى حياتنا بين العقائد والاتجاهات والآراء، ولا نعرف أيها طارئ ومرحلى وأيها ثابت وأساسى، كما أن صعوبة الحياة والخوف من الغد تجعل الناس راغبة فى الانضمام لقطيع بغرض الحصول على الحماية حتى لو كان الثمن المطلوب هو معاداة المتواجدين خارج القطيع. وأعتقد أيضاً أننا عاطفيون لا نسمح لأى قدر من الشك بأن يتسلل إلى ما نعتقده أو نراه، لهذا فإننا عند الخلاف مع أصدقائنا أو من نحبهم نرى مواقفهم أصبحت مماثلة لمواقف الأعداء، فلا نستطيع أن نستمر فى حبهم، ونبدأ فى التشكك فى أنهم كانوا أنذالاً منذ البداية!

ولعله من الجدير بالذكر أن قدرة الإنسان على العيش مع من يختلفون عنه أو يختلفون معه تكون أكبر بالنسبة لمن كانت علاقته بهم هامشية، حيث تضعف عندئذ رغبتهم فى إيذائه، ولأن ذلك يمنحه أيضاً الفرصة لإقناعهم أو هدايتهم!.. لكن هذه القدرة تتلاشى مع من يحبهم ويعقد عليهم الآمال إذا شعر بأنهم تغيروا. لكن الأهم من ذلك كله أن هذا الاختلاف بين الناس لا يحدث فى بيئة معقمة صماء، إنما يحدث فى حياة تغلى بالتفاعل.. وعليه فعندما تكون أيامنا السوداء هى أسعد أيامك وأكثرها زهاء، وعندما تكون مصيبتنا سبباً لثرائك، فكيف تقنعنى بأننا مازلنا أصدقاء يظللهم الود؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الخلاف و الود الخلاف و الود



GMT 12:21 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

التشكيل المنتظر امتحان حسان الأول

GMT 09:37 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

تفّوق إسرائيل التقني منذ 1967

GMT 09:34 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

قد يرن «البيجر» ولا يُجيب

GMT 09:29 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

لبنان... الرأي قبل شجاعة الشجعان

GMT 09:28 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

معضلة الحل في السودان!

GMT 09:25 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

الكشف عن مقبرة مطربي الإله آمون

GMT 09:23 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

مذاق الأيام المتبقية من عُمر السباق

ياسمين صبري بإطلالات أنيقة كررت فيها لمساتها الجمالية

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 19:23 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

5 مدن ساحلية في إيطاليا لمحبي الهدوء والإسترخاء
  مصر اليوم - 5 مدن ساحلية في إيطاليا لمحبي الهدوء والإسترخاء

GMT 10:15 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

أفكار لتزيين واجهة المنزل المودرن والكلاسيكي
  مصر اليوم - أفكار لتزيين واجهة المنزل المودرن والكلاسيكي

GMT 10:57 2020 الإثنين ,07 كانون الأول / ديسمبر

فوائد لا تصدق لقشور جوز الصنوبر

GMT 08:53 2020 الثلاثاء ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة زوجة محمد صلاح بفيروس كورونا

GMT 08:15 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

"حبيب نورمحمدوف" إنجازات رياضية استثنائية وإرث مثير للجدل

GMT 08:45 2020 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

القصة الكاملة لمرض الإعلامية بسمة وهبة الغامض

GMT 07:16 2020 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الدواجن في مصر اليوم الإثنين 19 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 09:50 2020 السبت ,10 تشرين الأول / أكتوبر

شقيقان بالإسكندرية يعانيان من مرض جلدى نادر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon