توقيت القاهرة المحلي 14:28:58 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الشرف الغليظ

  مصر اليوم -

الشرف الغليظ

أسامة غريب

يبدو أن المسألة السينمائية باتت تشغل قطاعاً عريضاً فى المجتمع بعد أن قامت برامج التوك شو الليلية بدورٍ نحو توجيه الرأى العام لاستهجان أفلام شركة إنتاجية بعينها قاموا بتحميلها كل أوزار وخطايا الكون. ومع إيمانى بأن الأمر كله يندرج تحت بند الإلهاء لحرف وعى الناس بعيداً عن المصائب السياسية والاقتصادية التى أخذت تترى بمعدلات مرتفعة، إلا أن واقعة تبادل السباب على الهواء بين منتج سينمائى ومقدم برامج تدفعنا للنظر فى أمر سينما الهلس التى قرر الجميع أن آل السبكى هم المسؤولون عنها.

على الرغم أن بعض الأفلام الرديئة التى يتم نسبها للسُبكيين ليست من إنتاجهم، وعلى الرغم كذلك من أن أفلاماً جيدة قد أنتجوها، فإننى أستطيع القول إن شركة السبكى يعود لها الفضل فى وجود أفلام جيدة فى السوق، كما أنها تتحمل وزر الأفلام الرديئة، ذلك أنها أصبحت تقريباً الشركة الوحيدة التى لم تتوقف عن إنتاج الأفلام بحلوها ومرها طوال السنوات السابقة. أما الذين يحلو لهم النظر للموضوع من زاوية واحدة وتجاهل بقية الصورة فإننى أقول لهم: إن الكثير من المجتمعات لديها ذات المحرمات التى تكبل حركتنا السينمائية (الدين والجنس والسياسة) لكنها مع ذلك تستطيع تناول حياة سياسى وحياة رجل دين دون المساس بالدين نفسه أو بثوابت السياسة فى الدولة، أما عندنا فالأمر مأساوى والممنوعات فى السينما أكثر من المسموحات بكثير.. كيف تتوقعون إنتاجاً سينمائياً جيداً فى مجتمع مأزوم محكوم برقابة عشرات الجهات؟ لو أن مجتمعنا حر لما تردَدَت السينما فى تناول الانشقاق المجتمعى الذى يعصف بمصر حالياً بعد أن صارت تضم فسطاطين أو معسكرين يتمنى أحدهما للآخر الشر والفناء.. وبعيداً عن هذه الموضوعات الكبيرة التى يستحيل الاقتراب منها سينمائياً، فإن أحداً لا يستطيع أن يتناول حياة ضابط فاسد كما نرى فى الأفلام الأجنبية دون أن يتعرض للمنع إن لم يكن للتنكيل! كما أن منتجاً مهما بلغت جرأته لا يمكنه أن يشترى سيناريو به ما يمس حياة قاض أو وزير، ومن المستحيل طبعاً أن يقترب سيناريست من كتابة فيلم عن آليات عمل الجهات التى يقال لها سيادية أو عن حياة أفرادها.. ولا يمكن طبعاً الاقتراب سينمائياً من فكرة وجود رجال دين متحرشين يكمنون للأطفال بدور العبادة كما رأينا فى عشرات الأفلام الغربية، وليس من الجائز تناول حياة أسرة مسيحية بالخير أو بالشر، كما لو أن المسيحيين هم هواء أو عبارة عن أطياف تتحرك غير مرئية فى المجتمع! هذا فضلاً عن أن نقابات المحامين والمهندسين والأطباء وغيرها تتصور أن دورها هو منع الأفلام الواقعية إذا لم تتحدث عن أعضائها باعتبارهم كائنات نورانية ينقصها جناحان لتكون ملائكة.. وعلاوة على هذا فإننا نرى بعض صناع السينما يتوجهون بأنفسهم إلى الأزهر عارضين عليه أفلامهم قبل الذهاب بها للرقابة توفيراً للوقت، بالرغم من أن الأزهر لا علاقة له بالسينما، وسوف يقوم بالمنع طبعاً حتى لا يتحمل انتقاد المجتمع الذى أصبح أفراده دواعش لا يحملون السلاح!.

فى ظروف كهذه ما الذى يمكن لمنتج يريد الاستمرار أن يقدم؟ لم يتبق له إلا خلطات التسلية من قصص الأكشن الساذج أو دنيا الليل بالكباريهات والحانات أو حواديت الفتونة والصياعة فى الحوارى.. هذا هو المسموح به، فإذا تحرك أحد المنتجين فى إطار المتاح والممكن خرجت عليه قطعان الغاضبين للشرف الرفيع الذى باعوه من زمااااااااان!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الشرف الغليظ الشرف الغليظ



GMT 09:03 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 09:02 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

مسرح القيامة

GMT 09:01 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان... و«اليوم التالي»

GMT 09:00 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

لماذا توثيق «الصحوة» ضرورة وليس ترَفاً!؟

GMT 08:59 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

GMT 08:57 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الوجدان... ليست له قطع غيار

GMT 08:55 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

«فيروز».. عيونُنا إليكِ ترحلُ كلَّ يوم

GMT 08:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ذكرى شهداء الروضة!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 11:07 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

سعر الذهب في مصر اليوم الجمعة 24 كانون الثاني يناير 2020
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon