توقيت القاهرة المحلي 11:17:44 آخر تحديث
  مصر اليوم -

القيمة والمَرَمّة

  مصر اليوم -

القيمة والمَرَمّة

أسامة غريب

كانت جنازة الفنان عمر الشريف كاشفة عن حجم الاهتراء بالنسبة لما يسمى «النخبة المصرية» من مثقفين وفنانين وخلافه، إذ فى الوقت الذى أعرض الجميع عن عمر الشريف وتركوه يذهب إلى القبر فى صمت، فإنهم أكرموا فناناً آخر هو المرحوم سامى العدل أيماً إكرام، ولئن كان العدل يستحق حب الناس والزملاء بلا جدال، فإن المؤسف أن زملاءه لم يكونوا ليحفلوا به لو لم تكن عائلته واحدة من العائلات الفنية التى يطمع السادة الأرتيست فى رضاهم الإنتاجى!. المحزن أن عمر الشريف كان يستحق دولة أخرى غير بلده التى رفض أن يحصل على جنسية غيرها.. أى دولة كان سينتسب إليها عمر الشريف كانت ستودعه الوداع اللائق بقدره وقيمته. كان عمر الشريف يستطيع أن يكون أمريكياً أو إنجليزياً أو فرنسياً أو إسبانياً أو كل هؤلاء جميعاً، لكنه عاش طيلة حياته لا يحمل سوى الجواز المصرى.. وفى النهاية تظاهرت مصر الموكوسة الحالية بأنها لا تعرفه لأنه لا يملك ما يحشو به الأفواه!

شاهدت بعد وفاته الكثير من اللقاءات التليفزيونية التى أجراها عمر الشريف فى مصر وخارجها وقرأت العديد من أحاديثه مع الصحافة، فأكبرته أكثر مما كنت أفعل طيلة حياتى.. خلطة من الذكاء والبريق العقلى والحضور والتوهج والجاذبية والموهبة وإجادة اللغات والانفتاح على العالم.. إننى أزعم أن هذا الفنان المتفرد لا يدانيه ممثل آخر منذ بدأ فن التمثيل وحتى الآن فى إمكانية الأداء بكل هذه اللغات. عمر الشريف وحده يمكنه أن يمثل بالعربى والإنجليزى والفرنساوى والإيطالى والإسبانى واليونانى. متى وكيف وأين هضم كل هذا؟ وما هى نوعية الإنسان الناتج عن كل هذه الخلطة الحضارية.. إنه عمر الشريف الجنتلمان الذى يعرف زملاؤه فى السينما العالمية قيمته، بينما لا يدركها زلنطحية الفن فى بلده بعدما صار فتيان الشاشة هم مجموعة من العيال الجهلة الأقرب فى حياتهم العادية إلى الشبّيحة منهم إلى الأسوياء!.

فى أفلام عمر الشريف الأخيرة التى قدمها فى مصر كنت أشعر بالغضب بسبب تسامحه وتنازله عما لا يجب التنازل بشأنه. مثلاً فى الفيلم السخيف «حسن ومرقص» الذى قدمه مع عادل إمام عام 2008 استطعت أن أتفهم أن احتياجه إلى المال هو الذى دفعه لقبول فيلم ردىء كهذا، لكنى لم أفهم كيف وافق أن يقوم عادل إمام بكتابة اسمه قبله؟ هذا فنان يقف على قدم المساواة إلى جانب لورانس أوليفييه وأنتونى هوبكنز ومارلون براندو وبيتر أوستينوف وجاك نيكولسون، فكيف يتم ابتزازه على هذا النحو؟.. قال عمر الشريف فى تفسير ذلك: أحسست أن هذا يسعد عادل إمام ويعنى له الكثير، فلم أجد غضاضة فى ذلك، خاصة أن هذا الأمر لا يفرق معى. منتهى السلام والصلح مع النفس من جانب فنان لا يدرك أن عادل إمام لم يكن يريده فى الفيلم ولا يحتاجه، وكان يستطيع أن يأتى لتمثيل الدور بسعيد صالح أو أحمد راتب مثلاً، لكنه أحضر عمر الشريف فقط من أجل هدف واحد هو: أن يكتب اسمه قبله. لا يفهم عمر الشريف هذا، أو لعله يفهمه ويتعالى عليه ويضحك فى سره من صغائر البشر الذين لم يروا ما رأى ولا عاشوا ما عاش ولا فهموا ما فهم، ويظنون أن أموال السبّوبة والنحتاية والمرمّة تغنى عن القيمة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

القيمة والمَرَمّة القيمة والمَرَمّة



GMT 07:07 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

«الحياة الأبدية» لمقاتلي روسيا

GMT 07:02 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب... السنجاب المحارب!

GMT 07:00 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الأولوية الإسرائيلية في الحرب على لبنان

GMT 06:58 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

تثمين العقلانية السعودية

GMT 06:56 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

من ينتخب الرئيس... الشعب أم «المجمع الانتخابي»؟

GMT 06:54 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

«أرامكو» وتحوّل الطاقة

GMT 06:52 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

بريطانيا: المحافظون يسجلون هدفاً رابعاً ضد «العمال»

GMT 06:50 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

اليوم التالي في واشنطن استمرارية أم انعطافة؟

إطلالات عملية ومريحة للنجمات في مهرجان الجونة أبرزها ليسرا وهند صبري

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 18:09 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بانكوك وجهة سياحية أوروبية تجمع بين الثقافة والترفيه
  مصر اليوم - بانكوك وجهة سياحية أوروبية تجمع بين الثقافة والترفيه

GMT 09:06 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

وزيرا خارجية مصر وأميركا يبحثان هاتفيا الوضع في الشرق الأوسط
  مصر اليوم - وزيرا خارجية مصر وأميركا يبحثان هاتفيا الوضع في الشرق الأوسط

GMT 10:57 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

درّة تكشف تفاصيل دخولها لعالم الإخراج للمرة الأولى
  مصر اليوم - درّة تكشف تفاصيل دخولها لعالم الإخراج للمرة الأولى

GMT 09:38 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم الإثنين 20/9/2021 برج الحوت

GMT 00:05 2023 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الأهلي يستقر على التجديد لعمرو السولية

GMT 07:13 2021 الثلاثاء ,20 تموز / يوليو

جزء ثانٍ من فيلم «موسى» في صيف 2022 قيد الدراسة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon