بقلم أسامة غريب
جلس بيومى أفندى على القهوة وأمامه الشاى الأخضر ثم سأل القهوجى: متى يحضر المعلم سليمان؟. أجاب: هو على وصول وقد يظهر بين لحظة وأخرى. أخذ بيومى يرتشف الشاى بهدوء وبدت على ملامحه أمارات الرضا.. لقد اتخذ قراراً بعد طول تفكير ومن الواضح أن القرار قد جعل نفسه تهدأ وتطمئن.
أقبل الحاج سليمان ودخل القهوة وحيا الجالسين ثم اتخذ مقعده الوثير في صدر المكان وجرى الصبى سريعاً يحضر له الشيشة. قام بيومى أفندى وتوجه إلى الحاج. استقبله سليمان ببشاشة وأمر بإحضار كرسى له إلى جواره. بعد السلامات والسؤال عن الصحة دخل بيومى مباشرة في الموضوع فقال: عندى كلمتين يا حاج ولكنى متحرج منك، ولقد أمضيت الليلة السابقة أفكر هل أقول لك أم أتجاهل الأمر وأعطى له ظهرى.
نظر إليه سليمان مستطلعاً: خير يا بيومى أفندى.. شغلتنى. قال: هناك كلام عرفته بشأن نوسة. احمرّت عينا الحاج سليمان وهتف بانزعاج: نوسة زوجتى؟ هز بيومى رأسه بالإيجاب. انفعل سليمان: قل يا بيومى بسرعة ما الذي سمعته؟ قال بيومى: لا يتعلق الأمر بشىء سمعته ولكنى على مدار عدة شهور تابعت الأمر بنفسى واستوثقت من صحته ولم آت لأحدثك فيه إلا بعدما تأكدت أنه حقائق وليس شائعات. أخذ سليمان ينفخ في الهواء وهو يميل برأسه يمنى ويسرى مردداً: اللهم طولّك يا روح.. هل ستطول الديباجة وسنقضى فيها الليل بطوله؟ نظر إليه بيومى في أسى: سأقول لك ورزقى على الله..
الست نوسة تخونك يا حاج. إيه؟.. بتقول إيه؟.. صاح الحاج سليمان. رد بيومى: كما أقول لك.. إنها على علاقة بشخص آخر ولقد راقبتهما واستطعت أن أوثق اللقاءات بالصور، كما أن لدى أشرطة فيديو يظهران فيها معاً وهما يأتيان الفاحشة. صرخ سليمان: سيادتك تتقمص الآن شخصية صلاح نصر وتصور الناس وهم بلابيص ثم تخبر أزواجهن بالحقيقة؟..
انت جاسوس يا بيومى.. مؤكد جاسوس. صاح بيومى: يا حاج إننى لم أفعل ما فعلت إلا لأننى أحبك ولم أرض لك أن تعيش مخدوعاً مع من لا تصونك، لذلك استأجرت مخبراً خاصاً كلفنى الشىء الفلانى وأتى لى بالحقائق دامغة.. ها هي حقيبة تضم كل الوثائق التي تحتاج إليها حتى تتأكد من صحة كلامى. تناول الحاج الحقيبة ووضعها إلى جواره ثم حدج بيومى بنظرة فاحصة قبل أن يسأله: كم مرة تعتقد أنها خانتنى؟ رد بيومى: في حدود ستين مرة. هتف سليمان: يا دين النبى.. أمعقول هذا؟ ثم التفت إلى الجالسين بالقهوة قائلاً: اسمعوا يا ناس، هذا الرجل يقول إن نوسة خانتنى ستين مرة فما قولكم؟ سرت همهمة بين الحضور ثم علت الأصوات.. قال أحدهم: إنه كذاب.. نوسة لم تذهب للرجل إياه سوى سبع مرات فقط، وقال آخر: إنه فاسق يريد أن يسىء لسمعة المدام مع أنها لم تخنك سوى مرات قليلة، وقال ثالث: إنه ملعون، زوجتك على علاقة بعدد محدود من الرجال!.
استقر أمر الجمع في النهاية على أن بيومى أراد بمبالغاته أن ينال من سمعة المعلم سليمان، لذا فقد قضوا بأن يرموه في حفرة ثم يرجموه حتى الموت.. وكان هذا ما فعلوه من أجل أن يجعلوا منه عبرة لكل أمثاله من الذين يخطئون في العدّ!.