توقيت القاهرة المحلي 02:34:12 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تجديد الخطاب الدينى

  مصر اليوم -

تجديد الخطاب الدينى

أسامة غريب

فى جلسة جمعتنى ببعض الأصدقاء تساءل أحدهم عن الرأى فى موضوع تجديد الخطاب الدينى الذى ازداد الحديث واللغط بشأنه فى الآونة الأخيرة. عندما أدليت بدلوى فى الموضوع تساءلت: هل يريد الذين طرحوا موضوع التجديد هذا تجديداً حقيقياً يشتمل على تطوير الخطاب الدينى وإعلاء قيم الحق والعدل والمساواة التى نص عليها الدين، أم أنهم يريدون تنقية الخطاب الدينى من الخرافات والشعوذة وكراهية الآخر حتى نضع مكانها أفكاراً أخرى وشعوذات جديدة تعمل فى خدمة السلطة وتأييد كل ما يصدر عنها بصرف النظر عن مطابقته أو مخالفته لصحيح الدين؟ بمعنى آخر هل النية خالصة فى هذا الأمر، أم أن المطلوب فقط هو أن تنهض المؤسسة الدينية لمؤازرة فريق سياسى يحوز السلطة اليوم ضد فريق آخر فقد السلطة ويحلم باستعادتها مستعيناً بجنوده من الدعاة وبصفوفه الخلفية من الشيوخ والأئمة وحملة كتاب الله؟. واقع الأمر أننى أتصور أن أفضل ما يمكن عمله فى هذا الموضوع هو أن نترك للناس دينهم كما هو دون أن نعبث به بحجة تطويره، أما مسألة التفسير العقلانى المطلوب من الشيوخ المستنيرين فهى سلاح ذو حدين وقد لا تحتمل السلطة آثاره، لأنه قد يأخذ الناس فى سكة رفض الظلم ونبذ الخضوع والاستكانة لأولى الأمر، وهى الأشياء التى أرستها السلطة منذ مئات السنين عن طريق شيوخ قاموا بتطوير الخطاب الدينى على نحو منحط كفل للملوك والحكام أن يعبثوا بمقدرات الأمة فى حماية التفسيرات التى تمنع معارضتهم وتقصف رقبة من يفكر فى محاسبتهم!

الأجدى لتحييد التفسيرات التى يراها البعض ظلامية ولا تتفق مع قيم العصر الحديث هو اعتناق قيم الديمقراطية وتبنى مفاهيم العدالة وإشاعة السماحة فى المجتمع، ومن أهم تجلياتها تداول السلطة وعدم التشبث بكراسى الحكم. لو حدث هذا فإن القانون سيكون سيداً على الجميع كما هو الحال فى البلاد التى سبقتنا فى التقدم التقنى وفى نوع الحياة التى يحياها الناس والتى تتضمن حقوقاً أساسية لا يتنازل عنها البشر مثل الحرية والكرامة. تحت ظلال الحرية والمساواة لن يضير الناس أن يتطرف البعض وأن يعتنق بعضهم تفسيرات بها مغالاة وشطط، فهؤلاء موجودون فى كل المجتمعات الحية ووجودهم لا يهز الدولة ولا يغير مسار الحياة. على سبيل المثال هناك نص فى القرآن يتعلق بقطع يد السارق.. الذين يطالبون بتجديد الخطاب الدينى يريدون نوعاً من الشيوخ يلوى عنق النص لينفى عن الإسلام أنه يقضى بقطع يد السارق حتى يكون الإسلام «شيك» ومقبول الشكل أمام الخواجات!.. هذا كله كلام فارغ. الأجدى أن تترك للناس دينهم دون العبث به وتمضى فى إصلاحاتك الدنيوية التى ستجعل الناس يفهمون من الدين روحه ومغزاه، وبالتالى يقل احتياجهم واعتمادهم على الشيوخ.. صالحهم وطالحهم.

أما تجفيف منابع التطرف وتجديد الخطاب الدينى مع بقاء الأوضاع السياسية والاقتصادية على ما هى عليه، فإنه وفى أحسن الظروف ومع افتراض أن الدين لم يتجدد فقط لكنه تلاشى وانتهى تماماً وتم محوه من العقول والقلوب.. لو افترضنا أن هذا قد حدث ولم يعد لدينا دين بالمرة فإننا لن نكون فى طريقنا لنصبح سويسرا، لكننا عندما ننظر فى المرآة وقتها سنبصر كوريا الشمالية!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تجديد الخطاب الدينى تجديد الخطاب الدينى



GMT 12:21 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

التشكيل المنتظر امتحان حسان الأول

GMT 09:37 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

تفّوق إسرائيل التقني منذ 1967

GMT 09:34 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

قد يرن «البيجر» ولا يُجيب

GMT 09:29 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

لبنان... الرأي قبل شجاعة الشجعان

GMT 09:28 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

معضلة الحل في السودان!

GMT 09:25 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

الكشف عن مقبرة مطربي الإله آمون

GMT 09:23 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

مذاق الأيام المتبقية من عُمر السباق

ياسمين صبري بإطلالات أنيقة كررت فيها لمساتها الجمالية

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 19:23 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

5 مدن ساحلية في إيطاليا لمحبي الهدوء والإسترخاء
  مصر اليوم - 5 مدن ساحلية في إيطاليا لمحبي الهدوء والإسترخاء

GMT 10:15 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

أفكار لتزيين واجهة المنزل المودرن والكلاسيكي
  مصر اليوم - أفكار لتزيين واجهة المنزل المودرن والكلاسيكي

GMT 10:57 2020 الإثنين ,07 كانون الأول / ديسمبر

فوائد لا تصدق لقشور جوز الصنوبر

GMT 08:53 2020 الثلاثاء ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة زوجة محمد صلاح بفيروس كورونا

GMT 08:15 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

"حبيب نورمحمدوف" إنجازات رياضية استثنائية وإرث مثير للجدل

GMT 08:45 2020 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

القصة الكاملة لمرض الإعلامية بسمة وهبة الغامض

GMT 07:16 2020 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الدواجن في مصر اليوم الإثنين 19 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 09:50 2020 السبت ,10 تشرين الأول / أكتوبر

شقيقان بالإسكندرية يعانيان من مرض جلدى نادر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon