بقلم أسامة غريب
مزارع شبعا هى منطقة تقع على الحدود بين لبنان وهضبة الجولان السورية، وكثيراً ما سمعنا فى السنوات الماضية عن مطالبات لبنانية بجلاء الإسرائيليين عن منطقة المزارع التى تضم 12 مزرعة، أشهرها كفر دورة وفشكول. ومعلوم أن إسرائيل كانت قد احتلت مناطق فى الجنوب اللبنانى عام 78، ثم عادت وغزت لبنان بالكامل عام 82، واحتلت العاصمة بيروت أثناء الحرب الأهلية اللبنانية، غير أنها عادت وانسحبت عام 2000 من الجنوب اللبنانى.. ويُلاحظ أن هذا الانسحاب قد تم من جانب واحد، بعدما أخطرت إسرائيل الأمين العام للأمم المتحدة برغبتها فى تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 425 لعام 78 القاضى بانسحاب إسرائيل من الأراضى اللبنانية، وكانت هذه هى المرة الأولى فى تاريخ الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضى العربية التى تقرر فيها إسرائيل الانسحاب من أرض احتلتها، وذلك دون اتفاق أو معاهدة سلام أو أى مقابل سياسى من الدولة اللبنانية، ولم يكن ذلك عائداً إلى صحوة ضمير أو إلى إدراك لفضيلة إرجاع الأرض إلى أصحابها، وإنما كان السبب أنهم لم يستطيعوا احتمال تكلفة وجودهم على تلك الأرض وتوالى سقوط القتلى والجرحى فى صفوفهم طوال الوقت بفعل المقاومة اللبنانية.
المهم أن إسرائيل عند انسحابها من الجنوب غادرت الأراضى اللبنانية عدا منطقة مزارع شبعا، وكانت الحجة الإسرائيلية، ولاتزال، هى أن هذه الأرض تُعتبر جزءاً من هضبة الجولان السورية المحتلة، وبالتالى هى ليست أرضاً لبنانية، وعلى ذلك فإن الطرف المسموح له بالتحدث بشأنها هو الطرف السورى، ثم مضت الحجة الإسرائيلية: وبما أن سوريا ترفض الدخول فى مفاوضات مباشرة مع إسرائيل، فإن هذه الأرض ستظل رهن الاحتلال حتى إشعار آخر!
طبعاً الغرض من هذه المماطلة هو ضرب إسفين بين سوريا ولبنان ونشوب نزاع بينهما على أرض ليست فى حوزة أى منهما.
ما الغرض يا ترى من هذه الحدوتة عن مزارع شبعا؟ الغرض هو القول بأنه لو كانت جزيرتا تيران وصنافير تتبعان المملكة السعودية، فإن إسرائيل ما كانت تركتهما لمصر وقت جلائها عن سيناء، ولما كان شملهما الانسحاب، ولا انطبقت عليهما معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية، ولا دخلتا ضمن المنطقة ج المحظور تواجد الجيش فيها، والمسموح فقط بتواجد قوات شرطة طبقاً للاتفاقية. لو كانت الجزيرتان سعوديتين لأقامت إسرائيل الأفراح والليالى الملاح وهى ترفض الانسحاب منهما، ولكانت أصرت على سعوديتهما وعلى أن المملكة فقط هى المنوط بها التحدث عنهما والتفاوض بشأنهما، ولكانت وجدتها فرصة لاختراق جدار المقاطعة العربى، الذى كان موجوداً آنئذ والنفاذ إلى عرب الخليج من خلال اتفاقية تبرمها مع السعودية قبل إعادة تيران وصنافير إلى أصحابها السعوديين!.. أما وأن شيئاً من ذلك لم يحدث، أفلا يُعد هذا كافياً للدلالة على أن هاتين الجزيرتين مصريتان باعتراف المحتل الذى استولى عليهما، والذى يعرف بالتأكيد وهو يقوم بالعدوان أنه إنما يعتدى على مصر لا على السعودية؟ هذا الكلام ليس موجهاً للشعب المصرى لأنه يعرفه جيداً، لكنه موجه للأشقاء الكرام فى المملكة من أبناء الشعب السعودى الذين لا نحمّلهم أى ذنب فيما آلت إليه الأمور.