بقلم أسامة غريب
هذا حديث واجب عن إنسان أحبه.. هو ليس فقط كاتباً متميزاً ولا ناقداً فنياً بارعاً، لكنه قبل هذا وذاك إنسان حقيقى ينتمى للقيم الإنسانية التى هجرها معظم الناس ولا يمكن أن يتورط فيما يشين، ويمكنك وأنت مطمئن أن تقول عنه إنه صاحب صاحبه.
لا تكمن أهمية طارق الشناوى، إذن، فى انتسابه إلى عائلة أدبية وفنية يتصدرها عمه كامل الشناوى الشاعر الذى لا يخبو وهجه أبداً، وعمه الآخر مأمون الشناوى صاحب الرصيد الضخم من الأشعار والأغنيات الجميلة.. وإنما خصوصية طارق هى قدرته على النزول بالنقد السينمائى الجاد من كونه مرتبطاً بالخاصة إلى أن تصبح مفرداته فى متناول القارئ العادى دون ابتذال، وكذلك ابتعاده عن الاستسهال الذى تعمد إليه طائفة ممن يكتبون فى الفن بمنطق «الله.. حلو» أو «إخّيــــه.. وِحِش». ويبدو أن إعجابى بالكاتب طارق الشناوى عائد فى جزء منه إلى أنه كاتب قبل أن يكون سينمائياً، بمعنى أن هناك من بين الذين يتناولون المسائل الفنية من يعجزون عن الكتابة فى أى شأن آخر سواء لأن التخصص أغلق عليهم بابه ومنعهم من التطلع خارجه أو لأن امتداح هذا الفنان أو ذاك قد يكون جالباً للرزق والفرفشة بما يفوق عائد الكتابة الحقيقية!.. أما طارق فإنه اختار الفن لأنه يحب الفن وليس لسبب آخر، فهو يستطيع أن يتناول كل الأمور العامة التى يكتب فيها غيره، وعلى سبيل المثال يستطيع أن يتناول الموضوعات السياسية أفضل من معظم الذين تزدحم بهم الساحة، وعندما يكتب أحياناً فى الشأن العام تأتى كتابته رصينة موزونة كأفضل محلل سياسى.. وقد يكون هذا راجعاً إلى أن الإنسان لا يستطيع الانفصال عن ذاته، فالموهوب وهو يكتب فى السينما لن تغادره موهبته وهو يكتب فى السياسة أو حتى فى كرة القدم.. وقد كانت لطارق كتابات سياسية شيقة أثناء ثورة 25 يناير عندما كنت ألتقيه بميدان التحرير فنجلس على مقهى بوسط البلد نتشارك حلم التغيير.
قد يسأل البعض عن المناسبة التى دعتنى للكتابة عن أحد أصدقائى الموهوبين، ولهؤلاء أقول إن خلطاً قد وقع هذا الأسبوع فى أذهان بعض القراء عندما قرأوا لى مقالاً عنوانه «مناخوليا» تناولت فيه حالة كاتب اتهمنى بالسطو على أفكاره.. ولما كنت قد أشرت إلى أخينا هذا بالقول إنه يكتب فى النقد السينمائى فقد سارعت الأذهان لتصور أننى أقصد طارق الشناوى، وربما كان سبب هذا الخلط أن طارق قد كتب بالصدفة فى نفس الموضوع قبلى بيوم فى صحيفة ذائعة الانتشار، بينما أخينا المشار إليه يكتب فى واحدة من الصحف العربية فى المهجر ويراه على النت عدد قليل من القراء. عندما وجدت التعليقات على مقال «مناخوليا» تشير إلى تصور أصحابها أننى أقصد طارق فإننى انزعجت بشدة ليس فقط للصداقة التى تربطنى به، ولكن لأنه بسماحته ورقيّه أبعد ما يكون عن البارانويا والمناخوليا، لكن المشكلة أن الشهرة التى أصابها طارق والنجاح الذى حققه يجعل منه أقرب واحد للفكر عندما نقول «يكتب فى النقد السينمائى» وهذا ليس ذنبى، فقد تميّز طارق وانتشر وصار اسماً كبيراً فى الصحافة المصرية والعربية.. وهذه ضريبة عليه قبول دفعها!.