بقلم - أسامة غريب
القصص الوهمية التى تروج حول الفنانين أو التى يطلقها الفنانون حول أنفسهم كانت فى السابق تُنشر بالصحيفة أو المجلة مرة واحدة ثم تخمد، لكن مع سطوع وسائل التواصل الإجتماعى أخذ هذا النوع من الحكايات يدور ويلف ولا يتوقف عن الدوران. خذ عندك مثلاً حكاية منتشرة على النت عن الفنانة وردة الجزائرية وقصة الحب الخالدة التى ربطتها بالفنان بليغ حمدى.
طبقاً للحكاية فإن وردة عندما سُئلت عن البداية قالت إنها تعلقت ببليغ منذ أول مرة سمعت فيها أغنية «تخونوه» التى لحنها لعبدالحليم حافظ، وكانت وردة فى ذلك الوقت ابنة سبعة عشر عاماً ومازالت تعيش بفرنسا ولم تحترف الغناء بعد.. ورغم ذلك فقد حدّثت نفسها بأنها سوف تتزوج هذا الفنان الأسطورة فى يوم من الأيام، وقد ظل الحلم يداعب وردة حتى نجحت فى النهاية فى تحويله لحقيقة وتزوجت بليغ!. غرابة القصة تبدو واضحة من كون هذه الأغنية وهى أول لقاء لعبدالحليم مع بليغ ليست أجمل ما غنى حليم أو لحّن بليغ.. هى أغنية عادية يصعب أن تجعل فتاة صغيرة تحلم بالزواج من ملحنها، هذا فضلاً عن أننا تعودنا أن تغرم الفتيات بالمطرب الذى يؤدى الغنوة، لا بالملحن، وحتى لو كان الأمر يتعلق بمغنية ناشئة تجيد الفرز والتمييز بين النغمات الحلوة وسواها، فلماذا لم تقع فى غرام عبدالوهاب أو كمال الطويل أو الموجى، وكان كل منهم فى ذلك الوقت (عام1957) قد قدم لحليم ألحاناً عديدة تفوق «تخونوه» بمراحل؟.
وإذا كان الموضوع كله سماعياً، كما يقال، فكيف لم تتأثر بمحمود الشريف أو أحمد صدقى أو منير مراد ورؤوف ذهنى وتتمنى الزواج من أحدهم، وكانت ألحانهم فى ذلك الوقت ملء الأسماع؟!.. من حقنا أيضاً أن نفهم لماذا تأثرت باللحن ولم تتأثر بالكلمات فتحلم بالزواج من مؤلفها إسماعيل الحبروك؟. المعروف أن وردة قد حضرت إلى مصر فى عام 1960 وبدأت مشوارها الفنى وغنت من ألحان السنباطى وعبدالوهاب وفريد، كما التقت بليغ فى «أحبك فوق ما تتصور» و«يا نخلتين فى العلالى» قبل أن تعود إلى الجزائر لتعتزل الفن وتتزوج وتنجب ابناً وابنة، ثم تعود إلى مصر من جديد عام 1972 وتتألق مع ألحان بليغ ثم تتزوجه.
أنا لا أنفى قصة الحب بين وردة وبليغ، لكنها حال حدوثها لابد أن تكون حدثت بعد اللقاء والعمل المشترك فى أوائل الستينيات، أما محاولة إقناعنا بأن لحن أغنية «تخونوه» هو السبب، فهو كلام لا ينطلى على طفل، خصوصاً أن الطلاق قد وقع بينهما بعد سنوات قلائل من الارتباط، وقد يصح القول أن سؤال «تخونوه» يصلح فى تفسير الطلاق أكثر مما يصلح لتبرير الحب عن بُعد دون مناسبة!.