توقيت القاهرة المحلي 08:08:09 آخر تحديث
  مصر اليوم -

على قهوة أم كلثوم

  مصر اليوم -

على قهوة أم كلثوم

بقلم - أسامة غريب

جمعتنى جلسة في قهوة أم كلثوم في التوفيقية بصديق من المغرب، وكان هذا الصديق عروبيًّا حتى النخاع. احتدم النقاش بيننا حول مفاهيم العروبة والوحدة ومقاومة الاستعمار وحول ما إذا كانت الظروف يمكن أن تسمح لحلم الوحدة العربية بالتحقق ذات يوم، عندما اقتحم حوارنا شاب من بلد خليجى كان يجلس على مقربة منّا ويستمع لما نقول. دخل الشاب في الموضوع مباشرة بحماس بالغ: أي وحدة وأى عروبة يا قوم؟، هل لا يزال هذا الكلام مطروحًا؟، أما زلتم تتحدثون عن الاستعمار؟. أخذتنا المفاجأة من تدخله في حديثنا الخاص، لكنه لم يبالِ وانطلق: أنتم حالمون لا ترون الحياة على حقيقتها.. لقد كنا نعيش في خيام في الصحراء، ولما تطورت حياتنا قليلًا صرنا نقطن العشش، حتى جاء المحتل الأجنبى الذي تقولون إنه الغاصب الباغى اللعين فمد يده إلينا وانتشلنا من الفقر والضياع.
فتح لنا المدارس والمستشفيات، علّمنا أصول النظافة ومقاومة الحشرات التي كانت تعيش معنا، أدخل عندنا نظام التطعيم الإجبارى للأطفال فأصبح أولادنا يعيشون بعدما كنا نفقد تسعين بالمائة منهم.. الأهم من هذا كله أن هذا المحتل الباغى حفر آبار البترول التي لم نكن نعلم بوجودها في أرضنا، وحتى لو علمنا لما استطعنا أن نفعل شيئًا. حفر الآبار واستخرج البترول وقام بتكريره وتصفيته، ثم قام بتحميله على مراكب وباعه بمجهوده الشخصى ثم أعطانا الفلوس لنصير أغنياء مُنعَّمين مُترفين. قبل أن يرد أحدنا، بادر الأخ الخليجى مندفعًا: ستقولون إنه استغل بترولنا وأخذ جانبًا منه لنفسه وضمن بجلوسه على رأس آبار النفط أن يحصل على الإمدادات التي يحتاجها وتحتاجها بلاده.. وأقول لكم: وما المشكلة في هذا؟. افترض يا أخى أننا نحن الذين قمنا بالحفر والإنتاج.. أما كنا سنصدره له طواعية أم ترانا كنا سنشربه؟.. إن هذا الذي تقولون عنه استعمار هو أجمل ما حدث لنا.. إننى لا أفهم كيف قاومتم في مصر الاحتلال الإنجليزى ولماذا؟.

ولا أفهم كيف قدم الجزائريون مليون شهيد من أجل إخراج الفرنسيين من أراضيهم؟.. إننا ندعو الغرب ليأتى إلى أراضينا ويأخذ ما يشاء من قواعد ليدافع عنّا ويقدم أبناءه بدلًا من أبنائنا في الحرب ضد مَن يعادينا.. إننا لم نعتبر الوجود الإنجليزى بأرضنا احتلالًا أبدًا، لقد كانوا ضيوفًا أعزاء قدموا لنا كل ما هو طيب ببلادهم وأطلعونا عليه فنقلونا من الظلمات إلى النور.. إننا من خلالهم عرفنا السيارة والطيارة والتلفاز والبوتاجاز والثلاجة والغسالة والتليفون. إن هذا الذي تسمونه احتلالًا لم يقتل مواطنًا منّا عندما أتى بجيوشه، بينما الاحتلال العراقى للكويت هو الذي قتل ودمر وأحرق. إن اليوم الذي خرج فيه الإنجليز من بلادنا كان يوم حِداد، ولولا أنهم عادوا بمستشاريهم وخبرائهم لكان حالنا غير الحال.

أنهى الشاب كلامه ثم نظر إلينا ينتظر الرد. لم تخدعنا الوجاهة الظاهرية لمنطقه، فهو متهافت، وأساسه فاسد، ومردود عليه بسهولة، إلا أننى وصديقى المغربى تفاهمنا بالعين، وقررنا عدم الرد حتى لا نكافئه على اقتحامه حديثنا، وإلقائه محاضرة لا نحتاجها وليس بها جديد!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

على قهوة أم كلثوم على قهوة أم كلثوم



GMT 08:29 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

الإجابة عِلم

GMT 08:25 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

العرق الإخواني دساس!!

GMT 08:16 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

وزراء فى حضرة الشيخ

GMT 08:05 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

نجاة «نمرة 2 يكسب أحيانًا»!!

ياسمين صبري بإطلالات أنيقة كررت فيها لمساتها الجمالية

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 19:23 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

5 مدن ساحلية في إيطاليا لمحبي الهدوء والإسترخاء
  مصر اليوم - 5 مدن ساحلية في إيطاليا لمحبي الهدوء والإسترخاء

GMT 10:15 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

أفكار لتزيين واجهة المنزل المودرن والكلاسيكي
  مصر اليوم - أفكار لتزيين واجهة المنزل المودرن والكلاسيكي

GMT 07:24 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب
  مصر اليوم - دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب

GMT 23:46 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

انتعاشة فنية لـ حنان مطاوع بـ 3 مسلسلات وفيلم
  مصر اليوم - انتعاشة فنية لـ حنان مطاوع بـ 3 مسلسلات وفيلم

GMT 10:57 2020 الإثنين ,07 كانون الأول / ديسمبر

فوائد لا تصدق لقشور جوز الصنوبر

GMT 08:53 2020 الثلاثاء ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة زوجة محمد صلاح بفيروس كورونا

GMT 08:15 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

"حبيب نورمحمدوف" إنجازات رياضية استثنائية وإرث مثير للجدل

GMT 08:45 2020 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

القصة الكاملة لمرض الإعلامية بسمة وهبة الغامض

GMT 07:16 2020 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الدواجن في مصر اليوم الإثنين 19 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 09:50 2020 السبت ,10 تشرين الأول / أكتوبر

شقيقان بالإسكندرية يعانيان من مرض جلدى نادر

GMT 23:35 2020 الأربعاء ,16 أيلول / سبتمبر

بورصة تونس تقفل التعاملات على تراجع

GMT 01:08 2020 الأحد ,19 تموز / يوليو

طريقة عمل الشكشوكة التونسية

GMT 22:12 2020 الأحد ,21 حزيران / يونيو

أستون فيلا ينهار في ١١٤ ثانية أمام تشيلسي

GMT 23:30 2020 الجمعة ,05 حزيران / يونيو

السودان تسجل 215 إصابة جديدة بفيروس كورونا
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon