توقيت القاهرة المحلي 08:08:09 آخر تحديث
  مصر اليوم -

من خواطر مغترب

  مصر اليوم -

من خواطر مغترب

بقلم - أسامة غريب

وقف فى الحمام أمام المرآة وهو لم يبرأ تمامًا من آثار النوم. فتح الحنفية وأمسك بالصابونة حتى يغتسل لكنه أجفل ونظر إليها فى جزع.. ما هذا؟ سأل نفسه.. إن هذه الصابونة تعيش معى بهذا البيت منذ عدة شهور ولا أظنها تنوى أن تذوى وتختفى!.. كيف لم أنتبه من قبل إلى هذا الأمر؟ هل من الطبيعى أن تبقى الصابونة على الحوض كل هذه الشهور؟.
أجال النظر فى أنحاء الحمام، ثم وقع بصره على الصابونة الأخرى الموضوعة على الحامل بجوار الدُش فوجدها قد صغرت كثيرًا حتى صارت بروة صغيرة، وأدرك أنه لابد من تغييرها ووضع صابونة جديدة مكانها.

فتح أحد الأرفف العلوية حيث قام بتخزين الصابون والشامبو ومعجون الأسنان فأبصر التموين الذى أحضره من السوبر ماركت ما زال وفيرًا ولم يتأثر. تناول صابونة جديدة وهو يتساءل: لماذا يقوم بتغيير صابونة الاستحمام كثيرًا بينما الصابونة القابعة على حوض غسيل الوجه لم تتغير منذ سكن هذه الشقة؟، أجابته نفسه بأن الاستحمام اليومى وغسل الجسم كله يستهلك الصابونة ويدفع لتغييرها، بينما صابونة الحوض قليلة الاستعمال ومن الممكن أن تعيش طويلًا.

أزعجته هذه المسألة إلى أقصى حد. نظر فى غيظ إلى الصابونة التى لا تريد أن تنتهى وتصورها عدوًا يتربص به. إنه لا يحتاج إلى منغصات.. فلماذا برزت له مسألة الصابونة الآن بالتحديد؟. إنه يراها منذ أربعة شهور تقريبًا ولم تلفت انتباهه.. فما الذى جعله يلتفت إليها وينشغل بها اليوم؟.

تذكر أنه يسكن هذه الشقة ويعيش فيها وحده بعد أن تسلم عمله الجديد فى البلد الشقيق وترك أسرته فى الوطن، كما تذكر أن مخزون المنظفات مثله مثل التموين، ومخزون الأطعمة كان يفرغ سريعًا هناك فى الوطن حيث كان يعيش وسط أسرته وبين أولاده.. لقد كانت دورة الاستهلاك سريعة ومبهجة!، لم يدر لماذا ربط بين كل هذا والصابونة اللعينة القابعة هناك!.

يبدو أن شعوره بالعجز عن تغيير الصابونة هو ما ربط بينها وبين غربته وعدم قدرته على وضع حد لها، وبصراحة هو لا يقدر على التخلص من الصابونة وفَتْح واحدة جديدة لأسباب نفسية تتعلق باعتقاده أن الافتراء والبَطَر من مسببات زوال النعمة، وأنه طالما كانت الصابونة سليمة وشغّالة فإنه لابد أن يعيش معها للنهاية حتى تفنى بصورة طبيعية. لا حل لاستهلاك الصابونة بسرعة إلا بالعودة للوطن والحياة وسط الأبناء، حيث لا رتابة ولا ملل ولا صابون معمّر. سوف يفرغ الآن من الاستحمام ويذهب إلى العمل ليقدم استقالته ثم يعود لحضن الوطن.

ارتدى ملابسه وهو يفكر ويحسب ويجمع ويطرح ويقوم بكل العمليات الحسابية الممكنة حتى يطمئن إلى صحة قراره، ثم غشيته كآبة لأن الحسبة فشلت. مال إلى الحمام قبل أن ينزل وألقى نظرة سريعة على الصابونة قبل أن يقول لها متراجعًا: سأحتملك إلى أن تذوبى وتنتهى وبعدها أقدم استقالتى وأسافر.. هذا إذا لم أتعود كغيرى هنا على الصابون المعمر الذى لا يفنى!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من خواطر مغترب من خواطر مغترب



GMT 08:29 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

الإجابة عِلم

GMT 08:25 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

العرق الإخواني دساس!!

GMT 08:16 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

وزراء فى حضرة الشيخ

GMT 08:05 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

نجاة «نمرة 2 يكسب أحيانًا»!!

ياسمين صبري بإطلالات أنيقة كررت فيها لمساتها الجمالية

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 19:23 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

5 مدن ساحلية في إيطاليا لمحبي الهدوء والإسترخاء
  مصر اليوم - 5 مدن ساحلية في إيطاليا لمحبي الهدوء والإسترخاء

GMT 10:15 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

أفكار لتزيين واجهة المنزل المودرن والكلاسيكي
  مصر اليوم - أفكار لتزيين واجهة المنزل المودرن والكلاسيكي

GMT 07:24 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب
  مصر اليوم - دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب

GMT 23:46 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

انتعاشة فنية لـ حنان مطاوع بـ 3 مسلسلات وفيلم
  مصر اليوم - انتعاشة فنية لـ حنان مطاوع بـ 3 مسلسلات وفيلم

GMT 10:57 2020 الإثنين ,07 كانون الأول / ديسمبر

فوائد لا تصدق لقشور جوز الصنوبر

GMT 08:53 2020 الثلاثاء ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة زوجة محمد صلاح بفيروس كورونا

GMT 08:15 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

"حبيب نورمحمدوف" إنجازات رياضية استثنائية وإرث مثير للجدل

GMT 08:45 2020 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

القصة الكاملة لمرض الإعلامية بسمة وهبة الغامض

GMT 07:16 2020 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الدواجن في مصر اليوم الإثنين 19 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 09:50 2020 السبت ,10 تشرين الأول / أكتوبر

شقيقان بالإسكندرية يعانيان من مرض جلدى نادر

GMT 23:35 2020 الأربعاء ,16 أيلول / سبتمبر

بورصة تونس تقفل التعاملات على تراجع

GMT 01:08 2020 الأحد ,19 تموز / يوليو

طريقة عمل الشكشوكة التونسية

GMT 22:12 2020 الأحد ,21 حزيران / يونيو

أستون فيلا ينهار في ١١٤ ثانية أمام تشيلسي

GMT 23:30 2020 الجمعة ,05 حزيران / يونيو

السودان تسجل 215 إصابة جديدة بفيروس كورونا
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon