توقيت القاهرة المحلي 10:10:27 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ظاهرة المتدين الوَحْش

  مصر اليوم -

ظاهرة المتدين الوَحْش

بقلم - أسامة غريب

عندما قنص الجنود الصهاينة الشهيدة شيرين أبوعاقلة، المراسلة الصحفية، من الأرض المحتلة، فإن التعاطف الجارف معها ومع قضيتها العادلة كان على وشك أن يتدفق فيملأ كل ركن من أركان الوطن العربى، لولا أن شيئًا غريبًا قد ظهر فاعترض هذا الشلال وأخذه فألقى به بعيدًا فى الصحراء وأحل محله بضاعة أخرى لا علاقة لها بالوطنية أو الحمية أو الغيرة على القدس والمقدسات والدم الإنسانى الذى يهدره الجنود الإسرائيليون.
ما ظهر هو صوت عالٍ زاعق لمجموعة مدربة تدريبًا جيدًا على اللزوجة والنطاعة، مجموعة يتم استدعاؤها عند اللزوم لتفسد كل شىء نبيل فى الحياة.. قال هذا الصوت الزاعق: كيف تترحمون على شيرين أبوعاقلة وهى مسيحية؟ أنسيتم دينكم يا قوم؟.. من الممكن أن نذكرها بالخير أو نجمع لأهلها تبرعات، أما الرحمة فلا تجوز على غير المسلم!. أحدثت هذه الأقوال صدمة وكانت بمثابة دُش بارد على رؤوس الناس الذين لم يفهموا كيف يمكن للإنسان أن يصبح هكذا!.. هل التدين يجرّد الإنسان من إنسانيته حقًا ويجعله أسيرًا لمفاهيم مظلمة تملأ العقل بالغِل والكراهية والعدوانية، أم أن الدين رسالة رحمة وخير ومحبة؟.

لا شك أن هذه طبعة غريبة من التدين جاءت إلينا فمحت من بعض الناس ليس العقل فقط ولكنها محت العزة والكرامة وصاغت الأخلاق صياغة جديدة.. وعلى ضوء هذه الصياغة أصبحت الجلافة والغلظة وانعدام الحس هى الطريق إلى الجنة!.

إن ما يصيبنا باليأس أن التحاور المنطقى مع أمثال هؤلاء لن يصل بك إلى شىء، لأن خلايا المخ قد تم حشوها بخرافات آمنوا بأنها هى الدين.. صحيح أن الدفاع عن الدين يقتضى التصدى لهؤلاء الجهلة حتى لا يزداد جهلهم انتشارًا، لكن مَن يملك طاقة ليهدرها فى هذا الاتجاه ومن لديه الاستعداد للتعرض للسب والشتم واللعن والطعن فى الشرف والدين؟!.

من الممكن أن نفهم أن هؤلاء يبحثون عن قضية تافهة وآمنة فى الوقت نفسه، يحرقون فيها طاقتهم ويثبتون فيها لأنفسهم ولأنصارهم أن وجودهم له معنى على غير الحقيقة، لكن أَمَا كان ممكنًا أن يلتمسوا قضية أخرى كالتنمر على فنان أو عمل فنى على طريقة شيوخهم الأقدمين بدلًا من أن يتطاولوا على مناضلة سطرت بدمائها صفحة فى تاريخ نضال المستضعفين ضد الوحوش المحتلين؟!.

يبدو أن تدهور التعليم له دور أكيد فى مثل هذه الظواهر، وأظن أن جهل مرتادى المدارس والجامعات وخريجيها هو الذى صنع ظاهرة المتدين المتوحش الذى يخلو قلبه من الرحمة، والذى ينتصر لنصوص هى محل خلاف على حساب العقل والأخلاق والشرف والرجولة.

إن رحمة ربنا التى وسعت كل شىء تتناقض مع فهم هؤلاء للدين، ذلك أنهم يعتقدون بإمكانية الزواج من امرأة والإنجاب منها وقضاء الحياة معها ومشاركتها حلو الأيام ومُرّها، حتى إذا ماتت أحجمنا عن أن نطلب من الله أن يرحمها بزعم أن الله أوصانا بذلك!.. يا قوم: أى مورستان ألقى بكم علينا؟!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ظاهرة المتدين الوَحْش ظاهرة المتدين الوَحْش



GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 23:01 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

ستارمر والأمن القومي البريطاني

GMT 22:55 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حول الحرب وتغيير الخرائط

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات عصرية وجذابة للنجمات بصحية الدنيم
  مصر اليوم - إطلالات عصرية وجذابة للنجمات بصحية الدنيم

GMT 22:31 2024 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

ليلى علوي تشارك بـ 4 أفلام في صالات السينما خلال عام واحد
  مصر اليوم - ليلى علوي تشارك بـ 4 أفلام في صالات السينما خلال عام واحد

GMT 12:17 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

غوارديولا يؤكّد أن محمد صلاح ينتظره مستقبل كبير

GMT 02:00 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

حكايات السبت

GMT 11:37 2021 السبت ,05 حزيران / يونيو

"أحن إليك"

GMT 12:43 2021 السبت ,24 إبريل / نيسان

تيليجرام يساعد الهاكرز على اختراق هاتفك

GMT 10:52 2021 الأحد ,21 شباط / فبراير

الخطيب يطمئن على بعثة الأهلي في تنزانيا

GMT 11:56 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

حسام حسن يقترب من الأهلي أو الزمالك

GMT 18:58 2021 الأحد ,24 كانون الثاني / يناير

نادي بوردو يفوز على أنجيه 2-1 في الدوري الفرنسي

GMT 16:13 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

تحليل رابيد تيسيت للاعبي سيراميكا قبل مواجهة الأهلي

GMT 02:58 2020 السبت ,05 كانون الأول / ديسمبر

رونالدو يتوج بجائزة جديدة في الدوري الإيطالي

GMT 05:08 2020 الإثنين ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

"صحة البرلمان" تُعلن أن السيسي وضع استراتيجية مواجهة "كورونا"

GMT 12:40 2020 الأحد ,25 تشرين الأول / أكتوبر

ليفربول يتحرك لضم أوزان كاباك لتعويض غياب فان دايك

GMT 12:37 2020 الأحد ,25 تشرين الأول / أكتوبر

موعد مباراة أرسنال ضد ليستر سيتي والقناة الناقلة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon