توقيت القاهرة المحلي 16:48:39 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الأبيض الشرَفي

  مصر اليوم -

الأبيض الشرَفي

بقلم - أسامة غريب

فى جنوب إفريقيا على زمن الفصل العنصرى كان هناك المواطن الأبيض وله كل الحقوق والإنسان الأسود وليس له أى حقوق، وكانت هناك فئة ثالثة ذات وضع مؤقت وهم الزوار أو الضيوف القادمون من إفريقيا أو آسيا من ذوى البشرة السمراء، وهؤلاء- وخاصة إذا كانوا رؤساء دول أو وزراء أو ذوى حيثيات مهمة- كان يتم منحهم صفة الأبيض الشرفى، أى أنه رغم سمار بشرتهم فإنهم سيلقون معاملة طيبة كما لو كانوا من البِيض!.

وقد قفزت هذه الصفة أو هذا المركز «الأبيض الشرفى» إلى أذهان الجمهور عندما شاهدوا فيلم الطريق إلى الهند للمخرج البريطانى ديفيد لين، وكان بطل الفيلم الطبيب الهندى المتعلم المثقف الذى يجيد الإنجليزية أفضل من البريطانيين ويحوز حب وثقة أبناء دائرته من الهنود، ومع ذلك كان بداخله شعور بالنقص والدونية إزاء الإنجليز دفعه للسعى إلى الاختلاط بهم ومصادقتهم بغية الحصول على اعترافهم ونَيْل محبتهم وحتى يتعاملوا معه كما لو كان واحدًا منهم.

ومع أول احتكاك حقيقى من خلال مشكلة مع طرف إنجليزى يكتشف صاحبنا أنه لا يساوى شيئًا عندهم، وأن الانحياز إلى أبناء شعبه هو ما يجعل له قيمة، أما محاولة الحصول على لقب الأبيض الشرفى فهى حرث فى الماء وجهد ضائع مع أناس عنصريين لا يؤمنون بالمساواة بين البشر، ولو كانوا يؤمنون بها لمَا اخترعوا شيئًا سخيفًا اسمه الأبيض الشرفى ليغروا به المنسحقين من أبناء العالم الثالث. فى الحرب الشعواء التى يشنها الإسرائيليون على غزة وجدنا الغرب بمفهومه الواسع ينحاز تمامًا إلى العدوان الإسرائيلى، ولا يبالى بآلاف الضحايا المدنيين من أطفال فلسطين، وجلهم من النساء والأطفال، ووجدنا اليابان فى مجلس الأمن تصوت ضد وقف القتال، ورغم أن الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا قد صوتت أيضًا لإجهاض صدور القرار، فإن موقف اليابان هو الداعى للدهشة لأنها الدولة الوحيدة التى تعرضت لويلات القنبلة الذرية، وتعرف أن ما يلقاه المدنيون العزل فى غزة شبيه بما لاقوه فى هيروشيما ونجازاكى، والتشبيه هنا ليس مقصودًا به حجم الدمار والخسائر البشرية، وإنما قلة الحيلة إزاء عدو لا يرحم ولا يسمح بدخول الماء والدواء لمَن يعتبرهم حيوانات!.

ومع ذلك فليس الموقف اليابانى وحده المستغرب، ولكن موقف رئيس الوزراء البريطانى السيد ريشى سوناك، الذى ينحدر من أصل هندى، وصحيح نحن نفهم أنه يمثل مصالح بريطانيا، وهى دولة ذات تاريخ استعمارى عتيد، ومن العادى أن تميل إلى إسرائيل باعتبار دورها الأساسى فى إنشاء الدولة العبرية، لكن كل هذا التطرف فى إظهار الولاء للفكرة الصهيونية ووضعه البحرية البريطانية فى خدمة إسرائيل وكل هذا العداء لشعب غزة جعلنا نستدعى فى الأذهان فيلم الطريق إلى الهند، ونترحم على المخرج العبقرى ديفيد لين، الذى لم تمنعه بريطانيته من الانحياز للإنسانية بمفهومها الواسع، كما أن سلوك بعض زعماء العالم من ذوى الأصول الآسيوية والإفريقية استحضر فى أذهاننا مفهوم الأبيض الشرفى، الذى ابتدعته جنوب إفريقيا العنصرية وجعلت البعض يتطلعون للحصول عليه!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأبيض الشرَفي الأبيض الشرَفي



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 10:20 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

فواكه طبيعية تعزز صحة الكلى وتساعد في تطهيرها بشكل آمن
  مصر اليوم - فواكه طبيعية تعزز صحة الكلى وتساعد في تطهيرها بشكل آمن

GMT 11:22 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

يحذرك هذا اليوم من المخاطرة والمجازفة

GMT 09:15 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

أهم 3 نصائح لاختيار العباية في فصل الشتاء

GMT 02:22 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"الزراعة" تؤكد البلاد على وشك الاكتفاء الذاتي من الدواجن

GMT 13:41 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

فيديو جديد لـ"طفل المرور" يسخر من رجل شرطة آخر

GMT 02:57 2020 الإثنين ,06 إبريل / نيسان

رامى جمال يوجه رسالة لـ 2020

GMT 02:40 2020 السبت ,22 شباط / فبراير

المغني المصري رامي جمال يحرج زوجته على الملأ
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon