بقلم - أسامة غريب
اليد عضو مهم من أعضاء الجسم، وباليدين استطاع الإنسان أن يصنع الحضارة ويبنى المدن ويؤمّن لقمة العيش ويدفع الأعداء عن بيته، واستطاع كذلك أن يدون وينقش على الجدران ويترك تاريخًا، كما أمكنه أن يكتب الشعر والأدب.. لهذا فإن الحِكم والأمثال والأقوال المأثورة منحت اليد مكانة متفردة، ونسبت إليها ما يخطر وما لا يخطر على البال من أفعال جيدة وأخرى دنيئة. ومن هذا قولهم: «يد الله مع الجماعة» وقولهم: «عصفور فى اليد أفضل من عشرة على الشجرة»، وكذلك: «اليد العليا خير من اليد السفلى».
أما بالنسبة للعامية المصرية، فقد أولت اليد عناية فائقة وأدخلتها فى وصف كل شىء، فيقال: «إيده طويلة» فى وصف الحرامى، أما النشال فاليد الطويلة لا تناسبه لكنه بالضرورة «صاحب إيد خفيفة».. وهذه تقال أيضًا فى وصف الممرضة التى تعطى الإبرة للمريض. أما صاحب الأداء المهنى الرفيع، سواء كان جراحًا أو حتى مصلح ساعات فيصفونه بأن: «إيده تتلف فى حرير».. ويقال «إيده طايلة» للشخص واسع الحيلة صاحب العلاقات والنفوذ، أما «إيده قصيرة» فتصف العاجز والمفلس غير القادر على تحقيق المطلوب.
كما أن الناس تستخدم كلمة «تسلم إيدك» لشكر من أدى عمله على الوجه الأكمل، ويستخدمون كلمة «إيده فرطة» فى وصف الكريم السخى الذى يبذل المال دون تحفظ أو تفكير، وعكسها «إيده ماسكة» فى وصف البخيل الذى يمسك عن الإنفاق ولا تخرج منه النقود بسهولة. ويقال: «إيده على قلبه» فى وصف الخائف المتوجس فى انتظار نتيجة يجهلها، كما أن العامة اعتادوا أن يقولوا: «إيد ورا وإيد قدام» عن الشخص الذى دخل البيت دون أن يحضر معه شيئًا أو الذى عاد دون أن يحقق المهمة الموكولة إليه. أما القوى العنيف الذى يضرب دون حساب فيصيب ويدمى فيقال عنه: «إيده طرشة».
وبالنسبة للمسرف الذى لا يهدأ حتى يصرف كل ما معه وبالضرورة يعجز عن الادخار، فإن هذا سببه أن «إيده مخرومة». والذى يحتاج إلى مساعدة من أحد العابرين فإنه يقول له: «إيدك معايا»، وهذه تقال كثيرًا لمن تحتاج سيارته دفعة فى الشارع بعد أن تعطلت، أما الشخص الذى أعطيناه فرصًا كثيرة فأهدرها وأصر على الفشل فيقال عنه: «إيدك منه والأرض». وعندما نريد أن نعبر عن أن شيئًا جديدًا لم يطرأ منذ فترة فإننا نقول: «على حطّة إيدك». يقال كذلك «إيدك على المعلوم» بمعنى «هات الفلوس». ويقال إن «اللى إيده فى المية مش زى اللى إيده فى النار» فى وصف من يقدم حلولًا نظرية بعيدة عن الواقع. كما نصف من يمسك على غيره ذلة ويقوم بناء عليها بتهديده وتسييره كما شاء بأنه «ماسكه من إيده اللى بتوجعه». وحين يعرض عليك أحدهم عرضًا جيدًا فإنك تعبر عن موافقتك قائلًا: «إيدى على كتفك»؛ بمعنى أنك موافق ومستعد لتقوم من فورك معه. وهناك الكثير من هذه المعانى فى تمجيد اليد مما لا يتسع له المجال هنا.