بقلم أسامة غريب
نشرت الصحف والمواقع العربية خبراً عن جريمة وقعت يوم الأربعاء 25 مايو 2016، داخل مدينة الملك فهد الطبية بالرياض. تتمثل الجريمة فى قيام رجل سعودى بالتوجه إلى المستشفى وطلب مقابلة أحد الأطباء من قسم النساء والتوليد، وعندما التقاه فى حديقة المستشفى فإنه أخرج مسدساً كان بحوزته وبادر بإطلاق النار على الطبيب، مما نتج عنه استقرار رصاصتين فى صدره. بعد ذلك تم استدعاء المسعفين ونقلوا الطبيب المصاب إلى قسم الرعاية المركزة.
هذه هى الجريمة، أما سببها فشىء لا يصدقه عقل.. السبب أن هذا الطبيب، وهو أردنى الجنسية، قام منذ شهر بتوليد زوجة الرجل!.. نعم أطلق عليه الرصاص لأنه قام بتوليد زوجته، وعلى يديه خرج ابنه إلى النور!. رغم غرابة الأمر فالجنون موجود بالعالم والتصرفات غير المنضبطة موجودة بكل مكان، لكن المخيف فى الأمر أن التعليقات المنشورة أسفل الخبر فى عشرات المواقع التى نشرته كانت مرعبة.. أغلب التعليقات أدانت الطبيب المجرم الذى ارتكب جريمة توليد امرأة!، وقدّمت التعليقات العذر للجانى ذى النخوة الذى غلت الدماء فى عروقه عندما علم أن رجلاً غريباً قام بتوليد امرأته!.
أعلم أنه لا يحق لى أن أقرر للناس ما ينفعهم أو أن أفكر نيابة عنهم.. يحق لمن يرفض أن يولّد امرأته رجل أن يستعين بامرأة، سواء كانت طبيبة أو قابلة، ويحق للمجتمعات التى ترى فى توليد الرجال للنساء عاراً لا يمحوه إلا الدم أن تمنع الرجال من ممارسة هذه المهنة.. لكن ما للقوم يعتنقون هذه الأفكار ثم لا يمانعون فى استقدام أطباء رجال من كل أنحاء العالم ليعملوا فى مستشفياتهم؟!!.. هل يستقدمونهم للذبح من رجالهم الأحرار ذوى الدم الحامى؟، ما ذنب الطبيب الذى يذهب للمستشفى كل صباح لينقذ أرواح الأمهات والأطفال ليكون جزاؤه رصاصتين فى الصدر من رجل يزعمون أنه يغار على أنثاه.. وهذا الذى يغار على أنثاه أين كان حين تمت الولادة؟ ولماذا لم يطلب منهم أن يكون توليدها على يد امرأة؟.. هل أرغمه المستشفى على قبول ما يكره؟، وهل ظن حضرة الغيور أن الطبيب كان يشعر بالنشوة وهو يقوم بعملية التوليد وسط الدماء والسوائل وصراخ المريضة وفزع الممرضات؟، هل كان مجرماً وهو يؤدى عملاً دقيقاً يقتضى اليقظة والحرص على الأم والجنين ثم يخرج من غرفة العمليات منهكاً وكأنه خارج من معركة.. هل هذه عملية هتك عرض يا قوم أم عملية استيلاد الحياة من أضلع الموت؟!!.
الأغرب من هذا- طبقاً لموقع الحرة- أن الطبيب المصاب ينتظر المساءلة القانونية بعد أن يكتمل شفاؤه وقد يُحكم عليه بالغرامة وإنهاء عقده إذا رأت الهيئة الصحية الشرعية ذلك!.
يا قوم يحق لكم أن تعيشوا بالطريقة التى تختارونها لأنفسكم، وأن تسمّوا هذه الطريقة صحيح الدين، وأن تتصوروا أنفسكم أتقياء صالحين فى مقابل الفجرة الذين يدَعون الرجال تولد نساءهم.. يحق لكم هذا.. لكن بالله عليكم لماذا تأتون بأساتذة رجال من الخارج ليمارسوا مهنة عقوبتها الإعدام وسط تهليل العامة وتشجيعهم للقاتل الحر ذى الدم الحامى؟!!.