بقلم - أسامة غريب
دق جرس التليفون طويلا لكن حمامة الفلايكى الذي كان مستلقيا في فراشه يغط في نوم عميق لم ينتبه تماما. عندما استمر الرنين بدون انقطاع تنبهت حواسه ونفض الخدر فمد يده إلى السماعة وقال في تكاسل: آلو.. مَن الهاتف الداعى؟ جاء الصوت من الناحية الأخرى غاضبا مزمجرا: أخيرًا رفعت السماعة يا سى حمامة.. لأ وكمان بتهزر وتقول لى من الهاتف الداعى وكأنك أبوليلى العامرية!..
قهقه حمامة طويلا قبل أن يقول: أهلا يا عمى.. كنت عارف إنك عمى صابر لكنى أمزح معك. رد صابر: أيوه يا سيدى أنا عمك زفت أخو أبوك أحمد الفلايكى وأريدك أن تفتح أذنيك وتسمعنى جيدا: قال حمامة: كلى آذان صاغية يا عمّاه. ازداد صابر غضبا من ردود حمامة الهازلة وقال: اسمع ولا تقاطعنى لأن ما عندى مهم للغاية.. بالأمس تقدم لسعاد بنت عمك عريس يسكن إلى جوارنا، وبصراحة الشاب لا عيب به، فهو مهندس يعمل بشركة كبرى ودخله محترم، لديه شقة تمليك وقادر على فتح بيت. تهلل حمامة وبدت في نبرات صوته فرحة صادقة وهو يهتف: ألف مبروك يا حاج.. والله خبر جميل على الصبح. قاطعه صابر قائلا: ولا جميل ولا حاجة. تعجب حمامة متسائلا: ألا تقول إن الشاب محترم وابن ناس؟. رد صابر: بلى.. هذا ما أقوله لكن كيف؟..
كيف ماذا يا عماه؟ أوضح صابر: كيف أمنح ابنة عمك الدرة المصونة والجوهرة المكنونة لرجل غريب؟ قال حمامة مندهشا: لن يصير غريبا عندما تزوجها إياه.. سيصبح زوجها وأقرب الناس إليها. زاد هياج الرجل وانفعاله: وهل ترضاها أنت يا ابن الفلايكى؟ هل تقبل أن نقدم لحمنا لرجل غريب؟. شعر حمامة بالارتباك ولم يفهم ما الموضوع: لحم إيه وعضم إيه يا عمى.. أنت تتحدث عن سعاد ابنتك لا عن نعجة!.
قال صابر: اخرس يا كلب وتحشم عند ذكر ابنة عمك الجوهرة المكنونة. هنا قال حمامة بنفاذ صبر: أوكى أوكى.. يمكنك أن ترفض العريس وتزوجها من أحد أقاربك. قال صابر: وهذا ما أفعله بالضبط. رد حمامة مذهولا: هل تقصد أن تزوجنى سعاد؟.. نعم وأريدك أن تسرع وتأتى مع والدك اليوم في المساء حتى يمكننى أن أرد على العريس متعللا بأن البنت مخطوبة. سأله حمامة ولم يفق بعد من المفاجأة؟ وهل تحدثت مع والدى في الموضوع؟.. أبوك تليفونه مغلق.. كلمه انت وهاته وتعالى.
في المساء تأنق حمامة وارتدى بدلة وكرافتة ثم تعطر قبل أن يتوجه ومعه والده لبيت عمه. استقبلتهما سعاد من على الباب بالترحاب وأدخلتهما إلى الصالون ثم نادت والدها ليرحب بهما قبل أن تغيب في المطبخ قليلا ثم تعود معها شايا وجاتوه. جلس صابر الفلايكى منجعصا ثم رمى سؤاله: خير يا جماعة.. هل من سبب لهذه الزيارة المفاجئة؟. ابتسم أحمد الفلايكى قائلا: يشرفنى أن أطلب يد ابنتنا سعاد لحمامة ابنى. قال صابر: طلبك مرفوض.. أنا ماعنديش بنات للجواز. قال هذا ثم أخذ يتمتم بصوت خفيض: هَزُلت.. لم يبق سوى حمامة الصايع يريد أن يتزوج سعاد الجوهرة المكنونة!.