توقيت القاهرة المحلي 06:22:57 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ميلان كونديرا

  مصر اليوم -

ميلان كونديرا

بقلم - أسامة غريب

فى ذروة الحرب الباردة، فاز الروسى بوريس باسترناك بجائزة نوبل للآداب عام 1960 بعد أن انتشرت روايته «دكتور زيفاجو» عقب ترجمتها للغة الإنجليزية، وكانت السلطات السوفيتية قد منعت نشر الرواية فى روسيا وطالبت كاتبها بسحب اتفاقه مع ناشر إيطالى لإطلاقها فى أوروبا، ومع ذلك فقد راجت وتحولت لفيلم قام ببطولته عمر الشريف من إخراج دافيد لين.

تتداعى الأفكار حول باسترناك هذه الأيام بعد رحيل الكاتب التشيكى ميلان كونديرا، ليس لتشابه أدبى بينهما ولكن لأن الغرب فى حملته ضد الشيوعية قد احتفى بالكُتاب أبناء الكتلة الشرقية الذين أبدوا تحفظات على التطبيق العملى للمبادئ اللينينية، ورغم أن رواية دكتور زيفاجو لم تكن معادية للثورة البلشفية أو معبرة عن وجهة نظر النبلاء، فإن بطلها قد جفل من التطبيق الصارم والعنيف لمبادئ الثورة حتى أصبحت كلفتها أعلى بكثير من فوائدها. الأمر نفسه تكرر بالنسبة لميلان كونديرا الذى تلقف الغرب أعماله فترجمها واحتفى بها، بسبب موقفه الناقد للتجربة الاشتراكية فى تشيكوسلوفاكيا، رغم أنه لم يكن صداميًا أو حادًا فى انتقاداته. وربما لم ترغب الأكاديمية السويدية فى منح نوبل للآداب لكونديرا رغم أنه ظل على قوائم المرشحين سنين طوال، وذلك حتى لا تتعرض للوم مثلما حدث فى الأوساط الأدبية عقب فوز باسترناك بها واتهامها للجائزة بأنها تخلط الأدب بالسياسة وأنها إحدى أدوات التأثير التى يستخدمها السياسيون فى الغرب لمكافأة من يساير خطهم الفكرى وينتقد عدوهم العقائدى، خاصة أولئك الذين ينطبق عليهم قول: «وشهد شاهد من أهلها». والحقيقة أن للغرب وسائل وأدوات ومؤسسات وهيئات تهيمن عليها وتستخدمها ضد خصومها، منها الأمم المتحدة ذاتها، وهى فى حقيقتها ألعوبة أمريكية، وأبسط دليل أن واشنطن تحرم من لا ترضى عنه من حضور جلسات الجمعية العامة فى مقر المنظمة بنيويورك بعدم منحه تأشيرة دخول!.. يملك الغرب كذلك نوبل والأوسكار وجائزة مهرجان كان وبرلين وفينيسيا وهى جوائز تلتوى الأعناق نحوها وتهوى إليها أفئدة المشتاقين للشهرة والعالمية.

على العموم، لا أعتقد أن ميلان كونديرا، الذى توفى هذا الأسبوع عن 94 عامًا والذى انتقل إلى فرنسا منذ عام 1975، كان يستحق نوبل.. ذلك أن أعماله فى رأيى كانت متوسطة المستوى وليس بها من وهج الأدب الإنسانى ما لأعمال دوستويفيسكى أو تشيكوف أو حتى إرنست هيمنجواى، وفى تقديرى أن حياة كونديرا تصلح لكتابة عمل أدبى تظهر فيه أسباب هجرته إلى باريس واستقراره بها، بعد أن منعت براج نشر أعماله وتداولها لمدة خمس سنوات، وكذلك تجربته الفريدة فى الكتابة باللغة الفرنسية وهى ليست لغته الأم اعتبارًا من عام 1995.. وعلى الرغم من تعدد أعماله، فإن روايته «كائن لا تحتمل خفته» هى الأشهر من بينها، وذلك لتناولها ربيع براج عام 1968 والذى كان كونديرا نفسه جزءًا من حراكه.. ومرة أخرى نقول إن الحرب الباردة كان لها أكبر الأثر فى شهرة كونديرا وباسترناك على الرغم من وجود من فاقهما أهمية وأثرًا أدبيًا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ميلان كونديرا ميلان كونديرا



GMT 08:29 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

الإجابة عِلم

GMT 08:25 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

العرق الإخواني دساس!!

GMT 08:16 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

وزراء فى حضرة الشيخ

GMT 08:05 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

نجاة «نمرة 2 يكسب أحيانًا»!!

ياسمين صبري بإطلالات أنيقة كررت فيها لمساتها الجمالية

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 19:23 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

5 مدن ساحلية في إيطاليا لمحبي الهدوء والإسترخاء
  مصر اليوم - 5 مدن ساحلية في إيطاليا لمحبي الهدوء والإسترخاء

GMT 10:15 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

أفكار لتزيين واجهة المنزل المودرن والكلاسيكي
  مصر اليوم - أفكار لتزيين واجهة المنزل المودرن والكلاسيكي

GMT 07:24 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب
  مصر اليوم - دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب

GMT 23:46 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

انتعاشة فنية لـ حنان مطاوع بـ 3 مسلسلات وفيلم
  مصر اليوم - انتعاشة فنية لـ حنان مطاوع بـ 3 مسلسلات وفيلم

GMT 10:57 2020 الإثنين ,07 كانون الأول / ديسمبر

فوائد لا تصدق لقشور جوز الصنوبر

GMT 08:53 2020 الثلاثاء ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة زوجة محمد صلاح بفيروس كورونا

GMT 08:15 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

"حبيب نورمحمدوف" إنجازات رياضية استثنائية وإرث مثير للجدل

GMT 08:45 2020 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

القصة الكاملة لمرض الإعلامية بسمة وهبة الغامض

GMT 07:16 2020 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الدواجن في مصر اليوم الإثنين 19 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 09:50 2020 السبت ,10 تشرين الأول / أكتوبر

شقيقان بالإسكندرية يعانيان من مرض جلدى نادر

GMT 23:35 2020 الأربعاء ,16 أيلول / سبتمبر

بورصة تونس تقفل التعاملات على تراجع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon