بقلم - أسامة غريب
الحزن الذى انتاب جموع المصريين ليلة سقوط المنتخب الكروى المصرى فى موقعة السنغال وفشله فى التأهل لنهائيات كأس العالم يمكن النظر إليه من أكثر من زاوية. المنظور الذى شدّنى هو نفس فكرة المواطن الذى تحمّل همومًا تنوء بها الجبال وواجه تحديات ومظالم تفوق قدرته بكثير، وقد صمد الرجل أمام هذا كله، غير أن دموعه تدفقت بغزارة لأن طبق الفول الذى قدمه له النادل فى المطعم كان ينقصه بعض الملح!. المصرى الصابر كان يحتاج أن يفرح، وهو يعلم جيدًا أن فريقه متواضع ولا يليق به اللعب فى كأس العالم، ومع ذلك كان يتشبث بالذهاب إلى الدوحة عسى أن تحدث معجزة لا يفهم كنهها تجعل الفريق يستطيع مواجهة الخصوم هناك بالمونديال وتقديم مباريات طيبة. وعن نفسى كنت مثل سائر المصريين أتمنى الفوز لفريقنا رغم أن هذا التمنى لم يجعلنى أُحسن الظن بهذا الفريق البائس، لكن الوهم الجمعى نالنى بعضه فحلمت بالتأهل وبعدين يحلها ربنا!.
الأمل لولاه علىَّ كنت فى حبك ضحية.. هكذا تغنّت الست من كلمات بيرم التونسى. كان هذا لسان حالنا بعد أن شاهدنا منتخبنا فى البطولة الإفريقية الأخيرة بالكاميرون. فى هذه البطولة لعبنا سبع مباريات مثلما هو الحال بالنسبة للفريق الذى يبلغ نهائى المونديال أو أى بطولة قارية.. ثلاث مباريات لجمع النقاط فى الدور الأول ثم أربع مباريات فى الأدوار الإقصائية. ويمكن القول إننا فى هذه المباريات السبع (بعد استبعاد الأوقات الإضافية وضربات الجزاء) لم نحرز سوى ثلاثة أهداف فقط!.. وهذه الأهداف الثلاثة يمكن أن ترتفع إلى أربعة لو أضفنا هدفنا الثانى فى مرمى المغرب أثناء الوقت الإضافى. وإذا نظرنا إلى هذه المباريات على أنها مباريات دورى وليست مباريات كأس لكانت حصيلتنا منها عشر نقاط فقط من إحدى وعشرين نقطة، نتيجة أربعة تعادلات وهزيمة أمام نيجيريا وفوزين على السودان وغينيا بيساو، فبالله عليكم هل يجدر بالفريق الذى يحرز ثلاثة أهداف فى سبع مباريات أن يتطلع إلى التواجد فى كأس العالم؟.. نعم له أن يتطلع باعتبار أن المعجزة كما أسلفنا قد تحدث فى قطر!.. لكن بعيدًا عن المعجزات، يجب أن نواجه الحقيقة، وهى أننا لا نريد ولا نسعى فى المباريات إلى إحراز الأهداف، وذلك بعد أن اكتشفنا الحل السحرى المتمثل فى قتل المباراة وإضاعة الوقت والاستبسال فى الدفاع وتشتيت الكرة حتى نصل بسلام إلى ضربات الجزاء. هذه هى استراتيجيتنا فى كل المباريات. ولو لاحظنا فإن المُعلِّقين المصريين كانوا يلجأون إلى الدعاء والتضرع إلى الله منذ أول دقيقة حتى يسترها الله معنا ولا ننفضح!. لن أتحدث عن المباراة الثانية أمام السنغال فى داكار، لكننا فى المباراة الأولى فى القاهرة لم نهاجم إلا مرة واحدة، بينما هاجم السنغاليون طوال المباراة، فهل أردنا أن نذهب إلى المونديال لنقدم هناك كرتنا البدائية ونصيب مدربى الفرق المنافسة بالذهول والحنق عندما نلعب ثلاث مباريات لا نحاول خلالها زيارة مرمى الخصم ولو زيارة ودية؟!.