توقيت القاهرة المحلي 08:28:51 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أوروبا المغلوبة على أمرها

  مصر اليوم -

أوروبا المغلوبة على أمرها

بقلم - أسامة غريب

الدعم السياسى والاقتصادى والعسكرى الذى تقدمه دول أوروبا للحرب الأمريكية ضد روسيا، والتى تدور على الأرض الأوكرانية، يشبه بالضبط ما كانت تفعله الكتيبة السنغالية والقوات التى تم جمعها من ساحل العاج والجزائر ومالى لتحارب إلى جانب فرنسا فى الحرب العالمية، أو العساكر الهنود الذين ماتوا وهم يقاتلون تحت راية بريطانيا فى نفس الحرب. بلاد محتلة يحارب بعض أبنائها فى صفوف الاستعمار الذى يحتل بلادهم ويفرض عليها الذل. ما مصلحة الأوروبى فى السويد أو فى بلغاريا ليشارك فى حرب ضد جار أوروبى لصالح الأمريكان؟، قد يقال: حتى لا يأتى الدور عليهم بعد ذلك عندما تنفتح شهية الدب الروسى للحم الجيران.. لكن هنا يكمن العوار، إذ إن الشهية الأمريكية هى المفتوحة على اتساعها للحم الروسى بعد أن التهمت محيطه بالكامل، وهيمنت على كل دول حلف وارسو السابق، واتخذت من أراضيها منصات لصواريخ الناتو.
الألمان والفرنسيون، وكذلك الإيطاليون، يعون جيدًا التغلغل الأمريكى الذى أنشب مخالبه فى بلادهم باسم الصداقة والدفاع عن قيم الديمقراطية والعالم الحر، لكنهم من دون مساندة بريطانيا لا يستطيعون أن يفعلوا الكثير، وها هم تحت الضغط الرهيب قد اضطروا إلى مسايرة الوحش الأمريكى وربيبه أو ربّه البريطانى، وانساقوا نحو اتخاذ إجراءات ضد روسيا لم يكونوا راغبين فيها بالمرّة.. إجراءات ستجعل عودة الصلات الطبيعية مع موسكو فى غاية العسر. لو أن ألمانيا كانت حرة فى قرارها لاختارت المضى فى مشروع السيل الشمالى مع الروس، حيث كان الغاز سيتدفق فى الأنابيب بعد وقت قصير، وكانت ألمانيا ومعها فرنسا وباقى دول أوروبا قادرين على إيقاف القتال والوصول لحل يضمن للأوكرانيين السلام وللروس الأمان بعيدًا عن قواعد الناتو العسكرية. ما يمنع فرنسا وألمانيا من اتخاذ قرارات لصالح شعبيهما هو الإرهاب والضغط الأمريكى والدفع بأوروبا فى أتون حرب أمريكية المنشأ والمقصد. منذ نهاية الحرب العالمية الثانية والدعاية الأمريكية لا تكف بكل السبل عن نشر أن هزيمة ألمانيا ودحر النازية إنما تم بفضل التدخل الحاسم للولايات المتحدة الأمريكية.. وهذه فى حقيقة الأمر أكذوبة ذائعة، إذ إن التدخل الأمريكى رغم تأثيره لم يكن هو العامل الحاسم، فقد كان الروس فى كل الأحوال سيدخلون برلين ويقوضونها على رأس هتلر وقواده.. لقد تدخل الأمريكان ليقتسموا الكعكة مع السوفيت، أما فرنسا فقد كانت ستتحرر دون إنزال نورماندى، وذلك بعد أن تصبح ألمانيا بأكملها محتلة من السوفيت. من وقتها أصبحت أوروبا مرتهنة بيد الأمريكان ولم يفلح التململ الفرنسى فى حفز بقية الدول على النأى بعيدًا عن مخططات واشنطن. إن موقف الرئيس ماكرون وتصريحه حول عدم وجوب حل المسألة الأوكرانية عن طريق إذلال روسيا يوضح الموقف الأوروبى من القضية، فبينما فرنسا وألمانيا ترغبان فى حفظ كرامة جار سيظل جارًا إلى الأبد، فإن أمريكا لا تريد سوى أن ترى هذا الجار جثة هامدة مقطعة الأوصال.. وربما كانت أوروبا وهى تنصاع للمشيئة الأمريكية صاغرة تدعو للروس بالنصر فى سرها!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أوروبا المغلوبة على أمرها أوروبا المغلوبة على أمرها



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 11:07 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

سعر الذهب في مصر اليوم الجمعة 24 كانون الثاني يناير 2020

GMT 00:28 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

خالد النبوي يكشف كواليس تدريباته على معارك «ممالك النار»

GMT 14:08 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحوت" في كانون الأول 2019

GMT 00:09 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

ارتدي جاكيت الفرو على طريقة النجمات

GMT 20:08 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة تصدر 9 قرارات تهم المصريين "إجازات وتعويضات"

GMT 08:01 2019 الأربعاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

عرض فيلم "الفلوس" لتامر حسني أول تشرين الثاني

GMT 08:44 2019 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

إنجي علي تفاجئ فنانا شهيرا بـ قُبلة أمام زوجته
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon