توقيت القاهرة المحلي 06:23:49 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الكذب والسعادة

  مصر اليوم -

الكذب والسعادة

بقلم - أسامة غريب

بعض الذين ساءت أخلاقهم من البشر قد يكونون ضحايا لولادتهم ونشأتهم فى بلاد لا تشجع الفرد على أن ينشأ محترما عزيزا شامخا، والبعض الآخر قد تتعزز ميوله نحو الشرف بفعل ولادته فى بلاد لا تتسامح مع الفساد والانحراف. ليس الرقى والسمو فى الأخلاق والسلوك متوقفا على الثروة أو ما يحوزه الإنسان، ولا هو متوقف على درجة تعليمه وحدود معارفه العامة، كذلك لا يرتبط بإيمانه أو كفره، انتسابه إلى دين أو بعده عن المعتقدات الدينية.

النوع الراقى من البشر هو الذى يستطيع أن يأكل ويشرب ويجد حاجته من الملبس والمسكن دون أن يضطر إلى الكذب كل يوم. وهذا النوع من البشر لا يصدف أن يوجد إلا فى المجتمعات التى تدعم الصدق وتكافئ عليه. وللأسف فإن بلادنا العربية معظم البشر الذين تنتجهم مجتمعاتنا فكذابون. البيت يعلمهم الكذب حتى يضمن لهم السلامة والأمان، والمدرسة تعلمهم الكذب حتى تضمن لهم التفوق والحصول على الشهادة، والإعلام يعلمهم الكذب من أجل ألا يتعرضوا للأذى. هكذا هو الأمر لدرجة أن الكثير من الناس أصبحوا يقدمون ما يسمى الكذب الاستباقى أو الكذب الذى لا تدعو الحاجة إليه.. وعلى سبيل المثال فهناك من تسأله: ماذا فعلت بالأمس، فيحكى لك أشياء مغايرة تماما لحقيقة ما فعله، وذلك على الرغم من أن الإجابة الحقيقية لا تتضمن ما يسوء ولن تكون مزعجة لأى أحد، لكنه يكذب على سبيل الاحتياط لأن التجربة علمته أن الصدق فى الغالب ضار وغير مطلوب!. ومن الطبيعى أن الذين يعيشون حياة من هذا النوع، أى النوع الذى يرفل صاحبه فى الكذب والنفاق هم تعساء من الداخل ويفترض أنهم يحملون اكتئابا داخليا وأمراضا نفسية لا أول لها ولا آخر نتيجة الضغوط التى تنوء بها أكتافهم.. هذا هو الطبيعى والمفترض، لكن يؤسفنى أن أقول إن هذا ليس صحيحا على الدوام، فبعض المجتمعات قليلة الحظ من الصدق والصراحة والتى يردد الناس فيها الأكاذيب ليل نهار ليست بالضرورة مجتمعات مكتئبة ولا مأزومة ولا تقف على حافة الغضب والثورة ولا تحلم بالتحرر والانعتاق والدخول فى منظومة المجتمعات الراقية التى يستطيع المرء فيها أن يعيش وينتج ويشارك فى مستقبل وطنه بجدية وفاعلية. التجربة دلت على أن هناك مجتمعات كذابة وسعيدة فى الوقت نفسه، وأهلها لا يجدون غضاضة فى ترديد وعيش الأكاذيب فى البيت والنادى والمدرسة والصحيفة. صحيح أن هناك مجتمعات كذابة وتعيسة، لكن إلى جانبها توجد مجتمعات تمارس الكذب بسعادة وراحة بال، وأهلها يكتفون بالحياة المرفهة الخالية من التفكير والتى تقترب من حياة القطط السيامى فى بيوت المليونيرات، ورغم انتقادنا لهذا النوع من الحياة وسخريتنا منها، فإن ملايين البشر على استعداد للتنازل عن إنسانيتهم مقابل الحصول على بعضٍ منها!.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الكذب والسعادة الكذب والسعادة



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 11:07 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

سعر الذهب في مصر اليوم الجمعة 24 كانون الثاني يناير 2020

GMT 00:28 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

خالد النبوي يكشف كواليس تدريباته على معارك «ممالك النار»

GMT 14:08 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحوت" في كانون الأول 2019

GMT 00:09 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

ارتدي جاكيت الفرو على طريقة النجمات

GMT 20:08 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة تصدر 9 قرارات تهم المصريين "إجازات وتعويضات"

GMT 08:01 2019 الأربعاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

عرض فيلم "الفلوس" لتامر حسني أول تشرين الثاني

GMT 08:44 2019 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

إنجي علي تفاجئ فنانا شهيرا بـ قُبلة أمام زوجته
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon