توقيت القاهرة المحلي 15:58:31 آخر تحديث
  مصر اليوم -

التاريخ.. وجهات نظر

  مصر اليوم -

التاريخ وجهات نظر

بقلم - أسامة غريب

تعددت الأوصاف التي قدمها الرئيس الأمريكى بايدن في وصف الرئيس الروسى بوتين خلال الأيام القليلة الماضية، فمن قاتل إلى جزار إلى مجرم حرب، وكلها أوصاف دموية رهيبة، ورغم ذلك فإن قارئ التاريخ في المستقبل قد يقرأ سيرة بوتين باعتباره البطل الوطنى الذي أعاد أمجاد روسيا ووضعها على قدم المساواة مع القوة الكونية التي كانت وحيدة آنذاك.. يمكن أن يحدث هذا إذا نظرنا للتاريخ بعيون روسية وقرأناه مترجما عن الروسية. هكذا هو التاريخ، متعدد الرؤى، والأمر يتوقف على الأرضية التي تقف عليها وأنت تنظر، ويتوقف على النافذة التي تطل منها والزاوية التي تتخذها للرؤية.
في أوزبكستان إذا تحدثت عن الغازى المغولى تيمور لنك ستجد أن له مكانة مهيبة في قلوب الناس، وأنهم ينظرون إليه هناك باعتباره بطل الأمة الأوزبكية. وعلى النقيض فإن ذكر اسمه في بلادنا يقترن بكل البشاعة والدموية، حيث تحمل الكتب التي سطرها مؤرخونا الفظائع التي ارتكبها عامى 1399 و1400 عندما غزا حلب فأحرقها بالكامل، ثم اقتحم دمشق وألحق بها الدمار، أو عندما احتل بغداد وقتل مئات الآلاف من سكانها في يوم واحد.

ولا يختلف الأمر كذلك حينما ننظر إلى فرناندو الثالث ملك قشتالة الذي حارب المسلمين في الأندلس بين عامى 1230 و1260 وألحق بهم هزائم فادحة حتى إنه نجح في ثلاثين عاما فقط في الاستيلاء على ثمانين بالمائة من الممالك والمدن التي شكلت إسبانيا المسلمة مثل قرطبة وجيان وإشبيلية ألمرية مرسية، وقد حسم الصراع الذي أدى في النهاية إلى زوال الدولة العربية في الأندلس بسقوط غرناطة في آخر الطابور الذي تهاوى مملكة تلو الأخرى.

ولا شك في أننا عندما نقرأ التاريخ الذي تركه لنا الشاعر والمؤرخ ابن الأبّار عن تلك الفترة لا بد أن نشعر بالحنق والغضب والكراهية للملك الإسبانى الذي اقتحم الأسوار وأحرق الزرع وروّع الآمنين وقتل الأسرى المسلمين، كما نشعر بالأسى لأهلنا الذين واجهوا هذا الوحش الذي ولغ في دمائهم وألحق بهم الخراب. لكن الإسبان عندما ينظرون لنفس الرجل فبكل الحب والفخر والمهابة لدرجة إنزاله منزلة القديسين واعتباره أشبه بالملاك الذي أرسله الرب لنصرتهم فأطلقوا عليه لقب القديس فيرناندو أو فيرناندو سانتو، وملأوا بتماثيله المدن التي غزاها بعد أن توجوه بطلا للأمة الإسبانية. وأتصور أن الأمر ذاته لا بد أن يكون موجودا عند نظرة المعسكر الآخر لأبطال التاريخ العربى الذين نحمل لهم كل إعزاز وتقدير مثل خالد بن الوليد وعمرو بن العاص وعقبة بن نافع وموسى بن نصير وطارق بن زياد.

الأمر إذن يتوقف على صالحك الشخصى وعلى المعسكر الذي تقف فيه لتحكم على الأشخاص والوقائع من منظورك الخاص. وعليه فإن تاريخ العالم الذي بين أيدينا لا يتضمن حقائق قدر ما يتضمن رؤى ووجهات نظر، أما كتاب التاريخ المحايد فإنه لن يوجد إلا إذا كتبه مؤرخ من كوكب آخر!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التاريخ وجهات نظر التاريخ وجهات نظر



GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 23:01 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

ستارمر والأمن القومي البريطاني

GMT 22:55 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حول الحرب وتغيير الخرائط

إطلالات عملية ومريحة للنجمات في مهرجان الجونة أبرزها ليسرا وهند صبري

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 02:55 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أبرز قصات فساتين الزفاف الهالتر الرائجة في 2025
  مصر اليوم - أبرز قصات فساتين الزفاف الهالتر الرائجة في 2025

GMT 18:09 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بانكوك وجهة سياحية أوروبية تجمع بين الثقافة والترفيه
  مصر اليوم - بانكوك وجهة سياحية أوروبية تجمع بين الثقافة والترفيه

GMT 08:32 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

غوتيريس "قلق جدا" لوجود قوات كورية شمالية في روسيا
  مصر اليوم - غوتيريس قلق جدا لوجود قوات كورية شمالية في روسيا

GMT 10:57 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

درّة تكشف تفاصيل دخولها لعالم الإخراج للمرة الأولى
  مصر اليوم - درّة تكشف تفاصيل دخولها لعالم الإخراج للمرة الأولى

GMT 09:38 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم الإثنين 20/9/2021 برج الحوت

GMT 00:05 2023 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الأهلي يستقر على التجديد لعمرو السولية

GMT 07:13 2021 الثلاثاء ,20 تموز / يوليو

جزء ثانٍ من فيلم «موسى» في صيف 2022 قيد الدراسة

GMT 13:06 2021 الثلاثاء ,08 حزيران / يونيو

أنشيلوتي يحسم موققه من ضم محمد صلاح إلى ريال مدريد

GMT 09:11 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم الإثنين 20/9/2021 برج الحمل
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon