توقيت القاهرة المحلي 06:34:14 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الحياة الرتيبة أحلى!

  مصر اليوم -

الحياة الرتيبة أحلى

بقلم - أسامة غريب

أحد أصدقائى المقربين يعتقد أن الحياة السعيدة هى الحياة الرتيبة التى تخلو من المفاجآت ومما يثير الاندهاش، وهو يعتقد أن الحصول على هذه الحياة ممكن بشرط أن ننفض الأشخاص السيئين خارج حياتنا ونطردهم بعيدًا، لأنه فى وجودهم لن نحصل على الحياة الرتيبة السعيدة!.. صديق آخر يعارض هذا الطرح لأنه يرى أن الرتابة قد تقتل صديقنا الذى سعى إليها، وكذلك لأن الحياة تفقد طعمها إذا خلت من الأنذال!. وفى رأيه أن الملل سينشر أجنحته على صفحة الحياة وتصبح ذات مذاق واحد إذا امتلأت بالخيرين وأصحاب النوايا الحسنة فقط.. ويعتقد صديقنا هذا أن الناس بطبيعتها تحن لبعض الشر الذى يحرك الماء الآسن ويثير فى النفس الرغبة فى المنافسة والمشاكسة والتغلب على الآخرين. وقد دلل صديقناعلى كلامه بأن الطيبين والخيرين من الناس هم أكثر من يتم الانصراف دون الرغبة فى مكافأتهم وشكرهم أو حتى تبادل الحديث الودود معهم، بينما يفضل الناس- وبالذات الشباب منهم- جلسات الأصدقاء الجانحين المليئة بالإثارة والسخرية والتنمر.

وعن نفسى فإننى شخصيًا أميل إلى رأى الصديق الأول بعدما أصبحت بمرور الوقت لا أنفر من الحياة الرتيبة ولا أعتبر الهدوء مللًا، والحقيقة أن الرغبة فى دفع الملل قد توقع الإنسان فى حبائل الأشرار الظرفاء، فالأنذال فى العادة اجتماعيون محبوبون ودمهم خفيف، حتى إن الدراما قد التقطت هذه الحقيقة واشتغلت عليها فى المسلسلات والأفلام، ونلاحظ من قديم أن الجمهور تعلق بالشخصيات التى قدمها محمود المليجى وصلاح منصور واستيفان روستى على سبيل المثال نتيجة الظرف واللطافة وخفة الدم التى ميزتهم، كما أن المسلسلات الدينية قدمت كفار قريش كظرفاء ساخرين يستمتعون بالحياة ويطلقون النكات ويعبون من الشراب فى ليالى الأنس والطرب، بينما المؤمنون متجهمون عابسون يغلف الجد كل تصرفاتهم.

لذلك نجد فى حياة معظم الناس بعض الأنذال الذين يؤثرون الاحتفاظ بهم من أجل الإثارة والتسلية واستدعاء الكوميديا، ويلاحَظ أن الصداقة مع الأنذال قد تكون أطول عمرًا من الصداقة مع النبلاء، ليس فقط بسبب قدرة الأنذال على الخداع وإخفاء النوايا، وإنما بسبب أنه حتى بعد كشفهم وتبين حقيقتهم لا يتم الاستغناء عنهم كلية، وهذا فى حقيقة الأمر سلوك غير مأمون العواقب، فالبعض يتصور نفسه حصيفًا بدرجة كافية لأن يصادق نذلًا ثم يهمشه ويضعه خارج حياته فلا يسمح له بالنفاذ إلى العمق منها، لكن هذا المتذاكى فى الغالب يدفع ثمن غروره واستهتاره وتصوره أنه يمكن أن يلاعب شريرًا ويستخدمه من أجل الإثارة والتسلية دون أن ينال شيئًا من قرصاته الموجعة، فالأنذال ليسوا دمًى نلهو بها لكنهم القادرون على التلاعب بالناس، وهم يغيرون من تكتيكاتهم دائمًا، وما المواقف الطيبة التى يبدونها أحيانًا إلا بعض من هذه التكتيكات!.

فى اعتقادى أن غرور الشباب قد يغرى بمصادقة الأنذال الظرفاء، غير أن مضىّ العمر هو الذى يحد من الاندفاع وراء هذه الرغبة بعد أن يشبع الشخص من التسلية ويفهم أن التنمر جريمة، ولا يجد بجسده أجزاء تحتمل مزيدًا من الطعنات!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحياة الرتيبة أحلى الحياة الرتيبة أحلى



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

ياسمين صبري بإطلالات أنيقة كررت فيها لمساتها الجمالية

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 19:23 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

5 مدن ساحلية في إيطاليا لمحبي الهدوء والإسترخاء
  مصر اليوم - 5 مدن ساحلية في إيطاليا لمحبي الهدوء والإسترخاء

GMT 10:15 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

أفكار لتزيين واجهة المنزل المودرن والكلاسيكي
  مصر اليوم - أفكار لتزيين واجهة المنزل المودرن والكلاسيكي

GMT 07:24 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب
  مصر اليوم - دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب

GMT 23:46 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

انتعاشة فنية لـ حنان مطاوع بـ 3 مسلسلات وفيلم
  مصر اليوم - انتعاشة فنية لـ حنان مطاوع بـ 3 مسلسلات وفيلم

GMT 10:57 2020 الإثنين ,07 كانون الأول / ديسمبر

فوائد لا تصدق لقشور جوز الصنوبر

GMT 08:53 2020 الثلاثاء ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة زوجة محمد صلاح بفيروس كورونا

GMT 08:15 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

"حبيب نورمحمدوف" إنجازات رياضية استثنائية وإرث مثير للجدل

GMT 08:45 2020 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

القصة الكاملة لمرض الإعلامية بسمة وهبة الغامض

GMT 07:16 2020 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الدواجن في مصر اليوم الإثنين 19 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 09:50 2020 السبت ,10 تشرين الأول / أكتوبر

شقيقان بالإسكندرية يعانيان من مرض جلدى نادر

GMT 23:35 2020 الأربعاء ,16 أيلول / سبتمبر

بورصة تونس تقفل التعاملات على تراجع

GMT 01:08 2020 الأحد ,19 تموز / يوليو

طريقة عمل الشكشوكة التونسية

GMT 22:12 2020 الأحد ,21 حزيران / يونيو

أستون فيلا ينهار في ١١٤ ثانية أمام تشيلسي

GMT 23:30 2020 الجمعة ,05 حزيران / يونيو

السودان تسجل 215 إصابة جديدة بفيروس كورونا
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon