توقيت القاهرة المحلي 23:57:43 آخر تحديث
  مصر اليوم -

المجتمع والقيم الفالصو

  مصر اليوم -

المجتمع والقيم الفالصو

بقلم - أسامة غريب

لا أنسى أحد الأصدقاء الكنديين وكان جارا لى بمونتريال.. هذا الرجل خفيف الظل عرفته كموزع بريد على دراجة وجمعتنى به جلسات مسائية فى المقهى. لقد أذهلنى هذا الصديق عندما حكى لى عَرَضا أنه كان يعمل كطيار بشركة «إير كندا» لمدة عشر سنوات على طرازات مختلفة من الطائرات، لكنه ترك شركة الطيران بسبب عدم انتظام ساعات نومه ويقظته وضياع مناسبات اجتماعية من حياته لكثرة السفر، وكذلك بسبب حبه للانطلاق بالدراجة وتوزيع البريد وتبادل القفشات مع الناس فى الشارع!.

تسمرت عندما سمعت منه هذا الكلام وسألته عن دخله المادى وهل تأثر من تغيير المهنة فأخبرنى بأن احتياجاته محدودة وراتبه من توزيع البريد يكفيه. وقتها تساءلت بينى وبين نفسى إذا كان هناك فى مجتمعنا من يملك الشجاعة ليفعل شيئا كهذا؟ لا أظن أن هذا ينفع فى بلادنا، حيث قيم المجتمع تقسم العمل إلى راقٍ ومتواضع، وطبقتنا الوسطى تستعلى على الحرف والمهن اليدوية.

ولذلك ليست هينة أبدا قدرة المجتمع على وأد أحلام الشباب فى اختيار المهنة التى يريدها، ودائما سيجد الشاب من يذكّرونه بأن الميكانيكى مثلا لن يستطيع الزواج من ابنة إحدى الأسر الكبيرة.

وفى واقع الأمر فإن الأهل وهم يفعلون هذا إنما يستندون إلى واقع مجتمعى يكرس الطبقية ويضع العصا فى عجلة الحياة ليفرمل انطلاقها لآفاق رحبة. معوقات مجتمعية كثيرة تقف دون تحقيق الناس لأحلامها، فمثلا أين هو الأب الذى يوافق ابنه على أن يكتفى من الدراسة بقدر معين ليعمل بورشة نجارة كما يهوى؟ إذا كان الأب غنيا ميسور الحال فسوف ينظر لولده على أنه مجنون يريد أن يهبط اجتماعيا بمستوى الأسرة، وإذا كان من أسرة فقيرة فسيعتبره أبوه مجنونا أيضا لأنه يرفض الصعود الاجتماعى وشد الأسرة معه لأعلى بأن يصبح مهندسا أو طبيبا أو ضابطا.

ولو جرؤت فتاة على الإعراب عن حبها لمهنة التمريض ورغبتها فى أن تصير ممرضة مثلا، وهى حاصلة على مجموع كبير بالثانوية، فستقف الدنيا كلها فى وجهها ولن تسمح لها الأسرة بأن تفعل ما يعتبرونه خللا فى التفكير ولسوف يدفعونها دفعا لدخول كلية الطب بمظنة أن الممرضة أقل قيمة من الطبيبة.. وقد بلغ الشطط بمجتمعاتنا أن كليات مثل الزراعة والخدمة الاجتماعية مثلا لا يمكن أن تكون الرغبة الأولى لأى طالب فى استمارة الرغبات!.

وطبيعى أن هذه الأفكار تجعل أعمالا معينة غير مرغوب فيها ولا يقبلها الشاب إلا تحت ضغط الحاجة ولهذا تجده يمارسها وهو متأفف متحينا الفرصة للفرار منها إذا تغيرت الظروف حتى يحظى من المجتمع بالتقدير الذى أضاعته الوظيفة البسيطة!. والواقع أن الناس فى البلدان الديمقراطية التى تحترم البشر وترعى حقوق الإنسان بصرف النظر عن جنسه ودينه ومهنته هم أكثر حرية فى الاختيار ويمكن للواحد منهم أن يكون ما يشاء دون أن يفقد حقه فى الاحترام والكسب والحب والزواج.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المجتمع والقيم الفالصو المجتمع والقيم الفالصو



GMT 08:29 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

الإجابة عِلم

GMT 08:25 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

العرق الإخواني دساس!!

GMT 08:16 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

وزراء فى حضرة الشيخ

GMT 08:05 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

نجاة «نمرة 2 يكسب أحيانًا»!!

ياسمين صبري بإطلالات أنيقة كررت فيها لمساتها الجمالية

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 19:23 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

5 مدن ساحلية في إيطاليا لمحبي الهدوء والإسترخاء
  مصر اليوم - 5 مدن ساحلية في إيطاليا لمحبي الهدوء والإسترخاء

GMT 10:15 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

أفكار لتزيين واجهة المنزل المودرن والكلاسيكي
  مصر اليوم - أفكار لتزيين واجهة المنزل المودرن والكلاسيكي

GMT 07:24 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب
  مصر اليوم - دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب

GMT 23:46 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

انتعاشة فنية لـ حنان مطاوع بـ 3 مسلسلات وفيلم
  مصر اليوم - انتعاشة فنية لـ حنان مطاوع بـ 3 مسلسلات وفيلم

GMT 10:57 2020 الإثنين ,07 كانون الأول / ديسمبر

فوائد لا تصدق لقشور جوز الصنوبر

GMT 08:53 2020 الثلاثاء ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة زوجة محمد صلاح بفيروس كورونا

GMT 08:15 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

"حبيب نورمحمدوف" إنجازات رياضية استثنائية وإرث مثير للجدل

GMT 08:45 2020 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

القصة الكاملة لمرض الإعلامية بسمة وهبة الغامض

GMT 07:16 2020 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الدواجن في مصر اليوم الإثنين 19 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 09:50 2020 السبت ,10 تشرين الأول / أكتوبر

شقيقان بالإسكندرية يعانيان من مرض جلدى نادر

GMT 23:35 2020 الأربعاء ,16 أيلول / سبتمبر

بورصة تونس تقفل التعاملات على تراجع

GMT 01:08 2020 الأحد ,19 تموز / يوليو

طريقة عمل الشكشوكة التونسية

GMT 22:12 2020 الأحد ,21 حزيران / يونيو

أستون فيلا ينهار في ١١٤ ثانية أمام تشيلسي

GMT 23:30 2020 الجمعة ,05 حزيران / يونيو

السودان تسجل 215 إصابة جديدة بفيروس كورونا
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon