بقلم أسامة غريب
يبدو أن لبنان الذى يعيش بدون رئيس منذ سنتين على وشك أن يتجاوز أزمته وينهى الاستحقاق الرئاسى قريباً. المتغير الجديد الجدير بالذكر هو موافقة سعد الحريرى، رئيس تيار المستقبل، على قبول العماد ميشيل عون رئيساً للجمهورية وعدم عرقلة التصويت على اسمه بمجلس النواب. ما الذى تغير فى المعادلة اللبنانية وحدا بالحريرى إلى تغيير موقفه من رئيس التيار الوطنى الحر، حليف حزب الله ومرشحه الرئاسى؟.. للإجابة عن هذا السؤال يجب أن نتطرق إلى العلاقات والخلافات العربية- العربية التى تتسم فى العادة بالشخصنة والبعد عن الموضوعية، فعلى سبيل المثال ينال الرئيس أوباما الكثير من التجريح الشخصى من رؤساء وزعماء وساسة دول مثلما هو الحال مع رئيس الفلبين المنفعل، الذى وصف الرئيس الأمريكى بابن العاهرة، أوباما تنتقده الصحافة الأمريكية بقسوة، ويشتمه إعلاميو الغبرة فى مصر وتلعنه الفضائيات العربية التى تدعى الشجاعة، ومع هذا فإنه لا يتحرك أبداً ولا يحرك معه المؤسسات الأمريكية، سواء السياسية أو الاقتصادية أو العسكرية، للرد والانتقام ممن يشتمونه، لأن هناك تفرقة واضحة بين شخص الرئيس والمصالح الأمريكية، والجيش الأمريكى لن يتحرك أبداً لأن مسؤولاً فى بلد ما شتم الرئيس وأهل بيته. لكن الأمر مختلف تماماً بالنسبة لخير أمة أخرجت للناس، حيث الكيد الشخصى هو الذى يحرك الجيوش ويفتح الخزائن ويحشد الإعلاميين. ما من مشكلة موضوعية أبداً تكون سبباً للخلاف بين بلدين عربيين.. دائماً الخصومة الشخصية و«القمصة» هى التى تدق لأجلها طبول الحرب وتذاع بسببها الأغانى الوطنية ويعبئ الإعلام مشاعر الناس!
تجدر الإشارة إلى أن سعد الحريرى تحدث أمام أحد المحققين الدوليين فى عام 2011 فى قضية اغتيال والده، واصفاً مساعد وزير الداخلية السعودى وقتئذ، محمد بن نايف، بأنه سفاح. فعل الحريرى ذلك دون أن يدرك أن الحيطان لها آذان، وأن تلك الحيطان قد أبلغت الأمير السعودى بالأمر.. فى نفس الليلة أذاعت قناة الجديد اللبنانية التسجيل الكامل لإفادة الحريرى أمام اللجنة الدولية، ففضحت الرجل وجعلت موقفه أمام حلفائه السعوديين محرجاً للغاية. الذى حدث بعد ذلك أن بوابات جهنم فُتحت على السياسى اللبنانى الشاب، فحُوصرت شركته فى المملكة وتم التضييق عليها لدفعها نحو الإفلاس، ورفضت المؤسسات السعودية دفع مديونياتها لشركته، ثم تم تنفيذ العقوبات بحقها من قبل وزارة العمل السعودية عندما عجزت عن دفع رواتب موظفيها.. ليس هذا فقط، لكن تم تجريده من الجنسية السعودية وإلغاء جواز سفره السعودى أيضاً!. كان الانتقام شاملاً بالرغم من أن مكتب الحريرى أصدر بياناً بالاعتذار أوضح فيه أن التصريح الغاضب مجرد زلة لسان نتيجة ظروف عصيبة كان يمر بها سعد الحريرى. عندما وجد الحريرى نفسه وحيداً وعلى وشك الإفلاس قرر التوجه للداخل اللبنانى، وأن يضع يده فى يد خصومه ويوافق على ترشيح ميشيل عون، المرشح المفضل لدى حزب الله، الذى طالما رفضه الحريرى وناصبه العداء عندما كانت السعودية فى ظهره بالدعم والتأييد.
لا يسعنا عندما نستمع لأشياء كهذه سوى أن نرثى لأوباما المسكين.. يمتلك ترسانة نووية قادرة على محو الكوكب ولا ينتقم ممن يشتمونه!. ماذا لو كان لدى العرب أسلحة نووية، وفيم كانت ستُستخدم يا ترى؟.. يا للهول!.