توقيت القاهرة المحلي 17:55:24 آخر تحديث
  مصر اليوم -

اصطِبح وقول يا صُبح!

  مصر اليوم -

اصطِبح وقول يا صُبح

بقلم - أسامة غريب

فى الشارع الضيق المزدحم بالناس والسيارات، لمحت اثنين يتناوشان بالقول ويعلو صوتهما وهما يجلسان إلى طاولتين متجاورتين بالمقهى الذى فرد طاولاته على الرصيف. من الواضح أن كليهما ضيق الصدر ويبحث عن فرصة ينفس فيها عن غضبه من الأيام. عندما ارتفعت حدة اللهجة أيقنت أن الخطوة القادمة ستكون الانتقال من العنف اللفظى إلى تبادل اللكمات.

من حُسن الحظ أن أولاد الحلال تدخلوا للتحجيز بينهما. أدهشنى أن يحدث هذا كله الساعة السابعة صباحًا حيث يسعى الجميع إلى رزقه، لكن يبدو أن هذين الشخصين من العاطلين بدليل الجلوس على القهوة فى هذه الساعة المبكرة. كان مما لفت نظرى أثناء المشادة اللفظية أن أحدهما قال للآخر بصوت زاعق وعيناه تطقان بالشرر: باقول لك اصطبح وقول يا صبح!.

مضيت فى طريقى أفكر فى هذا القول.. من الواضح أن صاحبه يريد من الآخر أن يُقصر الشر ويسكت، ولكن لماذا كان التعبير عن هذا الطلب بعبارة اصطبح وقول يا صبح؟. ماذا لو أنه رفض أن يصطبح أو أنه وافق أن يصطبح ورفض أن يقول يا صبح!. يبدو أن أولاد البلد تعودوا أن يأخذوا الاصطباحة قبل أن يغادروا البيوت ليضمنوا أن يكون سلوكهم فى الخارج منضبطًا لا يشوبه الانفعال الذى يميز سلوكهم!. والاصطباحة قد تكون بكوب من الشاى مع سندوتش أو بفنجان قهوة مع سيجارة أو بحجر معسل على حسب الظروف. لهذا اعتدنا أن نسمع كلمة «اصطبح» تُقال للشخص العصبى فى الصباح وكأنهم يفهمون أن غضبه راجع إلى افتقاده الاصطباحة المهدئة، أما عندما يُضاف إليها: «وقول يا صبح» فإنه يظهر أنها هنا تأتى مصحوبة بتهديد إذا لم يرعوِ صاحبنا بما يفيد أنه قال: يا صبح!.

على العموم الاصطباحة ليست مقصورة على دنيا أولاد البلد من الحرافيش، لكنها معروفة فى جميع الطبقات والأوساط، وقد سمعنا فى الآونة الأخيرة بعض الشباب الروش يتحدثون عن وجوب عمل «استمورننج»، وهى الترجمة الشيك لكلمة الاصطباحة التى يظنونها مبتذلة.. ومع ذلك يمكننا أن نرصد أصالة المصطلح وقدمه من خلال ما تركه السابقون فى تراثهم الأدبى، فها هو شاعر كبير مثل محمود سامى البارودى باشا، رب السيف والقلم، له أبيات يقول فيها لصاحبه الذى طال نومه: «فاهجر الكَرَى.. واغْدُ نصطبح. فالدُّجَى مضى.. والسَّنَا لمح. والحمام فى.. أيكه صدح. فاتبع الهوى.. حَيْنما سرح. واصطحِب بمَن.. يبعث المرح. فيه للمُنى.. كل مقترح. واحذر الذى.. إن وَعَى سبح». وطبعًا الكرى هو النعاس، واغْدُ فعل أمر من الغدوّ، وهو الوقت أول النهار، أما نصطبح فهى أن نشرب فى الصباح، وهو ضد الغبوق، وهو الشرب آخر النهار. يتضح من هذا أن الأكابر أيضًا يصطبحون، ولهم فى هذا مشروباتهم التى تعدل المزاج على الصبح.

ورغم هذا كله، فإننى على سبيل التغيير أقف فى صف كل مَن يصطبح، لكن يرفض أن يقول: يا صبح!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اصطِبح وقول يا صُبح اصطِبح وقول يا صُبح



GMT 08:29 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

الإجابة عِلم

GMT 08:25 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

العرق الإخواني دساس!!

GMT 08:16 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

وزراء فى حضرة الشيخ

GMT 08:05 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

نجاة «نمرة 2 يكسب أحيانًا»!!

ياسمين صبري بإطلالات أنيقة كررت فيها لمساتها الجمالية

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 10:15 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

أفكار لتزيين واجهة المنزل المودرن والكلاسيكي
  مصر اليوم - أفكار لتزيين واجهة المنزل المودرن والكلاسيكي

GMT 07:24 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب
  مصر اليوم - دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب

GMT 11:57 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

تامر حسني يكشف سبب تصميمه على كتابة أغانيه
  مصر اليوم - تامر حسني يكشف سبب تصميمه على كتابة أغانيه

GMT 18:46 2017 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

دار Blancheur تعلن عن عرض مميز لأزياء المحجبات في لندن

GMT 10:03 2020 السبت ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

طريقة عمل الفاصوليا البيضاء

GMT 04:45 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الأمن المصري يكشف حقيقة اختطاف فتاة في منطقة "المعادي"

GMT 10:07 2020 السبت ,10 تشرين الأول / أكتوبر

الصحة: تسجيل 106 إصابات جديدة بـ كورونا و12 وفاة

GMT 11:56 2020 الخميس ,13 آب / أغسطس

7 أشكال غريبة لرفوف الكتب تعرفي عليها

GMT 17:04 2020 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

مستشار الرئاسة التركية ياسين أقطاي يوجه رسالة إلى مصر

GMT 08:00 2019 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سيات أتيكا 2020 في مصر رسميًا

GMT 03:29 2019 الثلاثاء ,25 حزيران / يونيو

داليا مصطفى تتعرَّض لعملية نصب وتُحذِّر الفنانين

GMT 08:30 2019 الأحد ,23 حزيران / يونيو

تصميمات "الفيونكة" تزيّن مجوهرات العروس في 2019

GMT 17:44 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

بلاغ ضد هالة صدقي بسبب فيديو "حثالة المجتمع"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon