توقيت القاهرة المحلي 08:08:09 آخر تحديث
  مصر اليوم -

زُرارة ومجاشع ونهشل

  مصر اليوم -

زُرارة ومجاشع ونهشل

بقلم - أسامة غريب

كانت الحرب الهجائية التى دارت رحاها شعرًا بين جرير والفرزدق قد وصلت إلى حدود مؤلمة استحال بعدها الصلح أو حتى الهدنة بين الطرفين. ورغم أن الشاعرين ينتهى نسبهما إلى مالك بن حنظلة، فإن أسرة جرير كانت أقل أسر بنى تميم شأنًا وأهونهم ديارًا، وهو الأمر الذى أغرى الفرزدق بأن يُطيل فى معايرة غريمه بأصله غير الرفيع وأهله الذين لا ينتسبون إلى السادة وعلية القوم.

يقول الفرزدق مستعرضًا العظماء والسادات من بنى قومه: إن الذى سمك السماءَ بنى لنا.. بيتًا دعائمُه أعز وأطولُ. بيتٌ بناه لنا المليك وما بنى.. حَكَم السماء فإنه لا ينقلُ. بيت زرارة محتبٍ بفنائه.. ومجاشعٌ وأبو الفوارس نهشلُ.

الفرزدق هنا يتيه على جرير بأصله الكريم ونسبه العالى فى مقابل ضعة أهل جرير وهوانهم، وللتدليل على المكانة الرفيعة فإن الفرزدق يسوق نفرًا من أكابر القوم وهم زرارة ومجاشع ونهشل، وكل منهم محتبٍ بفناء البيت.. و«الاحتباء» فى اللغة هو ربط الرجلين عند الجلوس بالحبال أو بالعمائم المفرودة، وهى جلسة تحقق لصاحبها الاستكنياص لدرجة الاسترخاء والتفشيخ! وما زال أسياد القوم ببعض القبائل العربية يجلسونها إلى اليوم تمييزا لهم عن جلسائهم من الضيوف والعامة الذين يحضرون مجالس الكبار.

لا أرى لماذا حين طافت هذه القصيدة ببالى من غير مناسبة وجدتنى مستغربًا أشد الاستغراب من فكرة الزهو بالسيد زرارة وإخوانه، إذ إن الشخص الطبيعى ليجزع عند سماع أسماء من هذا النوع، فهى أقرب لأسماء تشكيل عصابى أو فريق من الهجامين وقُطاع الطرق.. صحيح أن العربى القديم كان يتفاخر بالغباوة والجهالة وضيق الصدر واليد الباطشة، ويسخر من الوداعة والمسالمة وحُسن الجوار، إلا أن الأمر لا يصل للزهو بأن البيت به مثل هذه الأشكال!.

وربما تكون هذه القصيدة قد دفعتنى للتعاطف مع جرير فى معركته مثلما تعاطفت مع فؤاد المهندس زمان حين عيّرته شويكار بأنها من عائلة البيرقدار كاف بينما كان هو رجلًا مسكينًا مثلنا واسمه أيوب جاد الحق.

وقد عادت بى الذاكرة إلى يوم ذهبت فيه مع السمسار فى إحدى البلاد العربية لمعاينة شقة أردت استئجارها. كانت الشقة مناسبة، لكن المشكلة أن باب الشقة المقابلة قد وضعت عليه لافتة تقول: شمارق الأنتوفى المحامى. لقد فزعت من اسم الرجل الذى سأسكن إلى جواره، وتساءلت عن أسماء زبائن هذا المحامى من القتلة واللصوص إذا كان هو نفسه اسمه شمارق، وهو فى رأيى اسم يليق بعفريت من الجن ولا يصلح لآدمى.

نعود إلى عائلة الفرزدق ونقرر أن أى أحد يمتلك عقلًا سليمًا لن يسمح لأطفاله بأن يلعبوا بجوار فناء بيت يجلس فيه منجعصًا رجال من عينة مجاشع ونهشل.. وغير مسموح فى هذا الصدد أن يتطوع أحد ليقول لى إن هذه كانت أسماء طبيعية فى ذلك الزمان، لأننى أعرف أن الناس الطيبين حينئذ كانت أسماؤهم على شاكلة محمد وهشام وحسن وعمر وخالد وعلى وإبراهيم، أما زرارة وأصحابه فهم مجرمون لا يجوز الزهو بهم!.

ارسل تصحيحاً رأيأخبار

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

زُرارة ومجاشع ونهشل زُرارة ومجاشع ونهشل



GMT 08:29 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

الإجابة عِلم

GMT 08:25 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

العرق الإخواني دساس!!

GMT 08:16 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

وزراء فى حضرة الشيخ

GMT 08:05 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

نجاة «نمرة 2 يكسب أحيانًا»!!

ياسمين صبري بإطلالات أنيقة كررت فيها لمساتها الجمالية

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 19:23 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

5 مدن ساحلية في إيطاليا لمحبي الهدوء والإسترخاء
  مصر اليوم - 5 مدن ساحلية في إيطاليا لمحبي الهدوء والإسترخاء

GMT 10:15 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

أفكار لتزيين واجهة المنزل المودرن والكلاسيكي
  مصر اليوم - أفكار لتزيين واجهة المنزل المودرن والكلاسيكي

GMT 07:24 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب
  مصر اليوم - دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب

GMT 23:46 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

انتعاشة فنية لـ حنان مطاوع بـ 3 مسلسلات وفيلم
  مصر اليوم - انتعاشة فنية لـ حنان مطاوع بـ 3 مسلسلات وفيلم

GMT 10:57 2020 الإثنين ,07 كانون الأول / ديسمبر

فوائد لا تصدق لقشور جوز الصنوبر

GMT 08:53 2020 الثلاثاء ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة زوجة محمد صلاح بفيروس كورونا

GMT 08:15 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

"حبيب نورمحمدوف" إنجازات رياضية استثنائية وإرث مثير للجدل

GMT 08:45 2020 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

القصة الكاملة لمرض الإعلامية بسمة وهبة الغامض

GMT 07:16 2020 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الدواجن في مصر اليوم الإثنين 19 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 09:50 2020 السبت ,10 تشرين الأول / أكتوبر

شقيقان بالإسكندرية يعانيان من مرض جلدى نادر

GMT 23:35 2020 الأربعاء ,16 أيلول / سبتمبر

بورصة تونس تقفل التعاملات على تراجع

GMT 01:08 2020 الأحد ,19 تموز / يوليو

طريقة عمل الشكشوكة التونسية

GMT 22:12 2020 الأحد ,21 حزيران / يونيو

أستون فيلا ينهار في ١١٤ ثانية أمام تشيلسي

GMT 23:30 2020 الجمعة ,05 حزيران / يونيو

السودان تسجل 215 إصابة جديدة بفيروس كورونا
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon