توقيت القاهرة المحلي 06:23:49 آخر تحديث
  مصر اليوم -

زُرارة ومجاشع ونهشل

  مصر اليوم -

زُرارة ومجاشع ونهشل

بقلم - أسامة غريب

كانت الحرب الهجائية التى دارت رحاها شعرًا بين جرير والفرزدق قد وصلت إلى حدود مؤلمة استحال بعدها الصلح أو حتى الهدنة بين الطرفين. ورغم أن الشاعرين ينتهى نسبهما إلى مالك بن حنظلة، فإن أسرة جرير كانت أقل أسر بنى تميم شأنًا وأهونهم ديارًا، وهو الأمر الذى أغرى الفرزدق بأن يُطيل فى معايرة غريمه بأصله غير الرفيع وأهله الذين لا ينتسبون إلى السادة وعلية القوم.

يقول الفرزدق مستعرضًا العظماء والسادات من بنى قومه: إن الذى سمك السماءَ بنى لنا.. بيتًا دعائمُه أعز وأطولُ. بيتٌ بناه لنا المليك وما بنى.. حَكَم السماء فإنه لا ينقلُ. بيت زرارة محتبٍ بفنائه.. ومجاشعٌ وأبو الفوارس نهشلُ.

الفرزدق هنا يتيه على جرير بأصله الكريم ونسبه العالى فى مقابل ضعة أهل جرير وهوانهم، وللتدليل على المكانة الرفيعة فإن الفرزدق يسوق نفرًا من أكابر القوم وهم زرارة ومجاشع ونهشل، وكل منهم محتبٍ بفناء البيت.. و«الاحتباء» فى اللغة هو ربط الرجلين عند الجلوس بالحبال أو بالعمائم المفرودة، وهى جلسة تحقق لصاحبها الاستكنياص لدرجة الاسترخاء والتفشيخ! وما زال أسياد القوم ببعض القبائل العربية يجلسونها إلى اليوم تمييزا لهم عن جلسائهم من الضيوف والعامة الذين يحضرون مجالس الكبار.

لا أرى لماذا حين طافت هذه القصيدة ببالى من غير مناسبة وجدتنى مستغربًا أشد الاستغراب من فكرة الزهو بالسيد زرارة وإخوانه، إذ إن الشخص الطبيعى ليجزع عند سماع أسماء من هذا النوع، فهى أقرب لأسماء تشكيل عصابى أو فريق من الهجامين وقُطاع الطرق.. صحيح أن العربى القديم كان يتفاخر بالغباوة والجهالة وضيق الصدر واليد الباطشة، ويسخر من الوداعة والمسالمة وحُسن الجوار، إلا أن الأمر لا يصل للزهو بأن البيت به مثل هذه الأشكال!.

وربما تكون هذه القصيدة قد دفعتنى للتعاطف مع جرير فى معركته مثلما تعاطفت مع فؤاد المهندس زمان حين عيّرته شويكار بأنها من عائلة البيرقدار كاف بينما كان هو رجلًا مسكينًا مثلنا واسمه أيوب جاد الحق.

وقد عادت بى الذاكرة إلى يوم ذهبت فيه مع السمسار فى إحدى البلاد العربية لمعاينة شقة أردت استئجارها. كانت الشقة مناسبة، لكن المشكلة أن باب الشقة المقابلة قد وضعت عليه لافتة تقول: شمارق الأنتوفى المحامى. لقد فزعت من اسم الرجل الذى سأسكن إلى جواره، وتساءلت عن أسماء زبائن هذا المحامى من القتلة واللصوص إذا كان هو نفسه اسمه شمارق، وهو فى رأيى اسم يليق بعفريت من الجن ولا يصلح لآدمى.

نعود إلى عائلة الفرزدق ونقرر أن أى أحد يمتلك عقلًا سليمًا لن يسمح لأطفاله بأن يلعبوا بجوار فناء بيت يجلس فيه منجعصًا رجال من عينة مجاشع ونهشل.. وغير مسموح فى هذا الصدد أن يتطوع أحد ليقول لى إن هذه كانت أسماء طبيعية فى ذلك الزمان، لأننى أعرف أن الناس الطيبين حينئذ كانت أسماؤهم على شاكلة محمد وهشام وحسن وعمر وخالد وعلى وإبراهيم، أما زرارة وأصحابه فهم مجرمون لا يجوز الزهو بهم!.

ارسل تصحيحاً رأيأخبار

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

زُرارة ومجاشع ونهشل زُرارة ومجاشع ونهشل



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 11:07 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

سعر الذهب في مصر اليوم الجمعة 24 كانون الثاني يناير 2020

GMT 00:28 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

خالد النبوي يكشف كواليس تدريباته على معارك «ممالك النار»

GMT 14:08 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحوت" في كانون الأول 2019

GMT 00:09 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

ارتدي جاكيت الفرو على طريقة النجمات

GMT 20:08 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة تصدر 9 قرارات تهم المصريين "إجازات وتعويضات"

GMT 08:01 2019 الأربعاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

عرض فيلم "الفلوس" لتامر حسني أول تشرين الثاني

GMT 08:44 2019 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

إنجي علي تفاجئ فنانا شهيرا بـ قُبلة أمام زوجته
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon