توقيت القاهرة المحلي 21:12:59 آخر تحديث
  مصر اليوم -

القارئ والكاتب وحيرة دائمة

  مصر اليوم -

القارئ والكاتب وحيرة دائمة

بقلم: أسامة غريب

معظم القراء الذين يستحسنون ما يكتبه الكاتب يكتفون بالاستحسان داخل أنفسهم ولا يعبّرون عن هذا الرضا، أما النوع الساخط فهو يعبر عن غضبه بالرسائل والتعليقات والشتائم أحياناً ولا يقبل أن يطوى النفس على الغضب أبداً! من التعليقات المتكررة الشهيرة التى يتلقاها الكتّاب: ما هذا الذى تكتبه يا رجل؟ هل هذا وقته؟.. أتترك الأمور الخطيرة التى يمر بها الوطن ثم تحدثنا عن كذا وكذا.. هل أنت فى غيبوبة أم ماذا؟.

وجه العجب فى مثل هذا الكلام أن أصحابه لديهم من محدودية الرؤية ما يصور لهم أن الأجندة الخاصة المحفورة فى جمجمة كل منهم هى بالضرورة مُلزمة لعموم كتاب القُطر، وأنه إذا تغيرت بنود هذه الأجندة أو أعيد ترتيبها بسبب تغير المصالح أو تغير المزاج فإن على الكاتب أن يتبع البوصلة الجديدة ويعيد ترتيب أولوياته بسرعة حتى لا يبوء بغضبٍ من حضرة القارئ الملتهب!.

قد يكون مناسباً وطبيعياً أن تنصّب المعارضة والنقد على المكتوب ومضمونه، أما أن نغضب من كاتب لأنه كتب فى الاقتصاد ونسى الأدب أو كتب فى الفن وتجاهل السياسة أو كتب حدوتة رمزية وابتعد عن التناول الصريح، فهذا الموقف قد يكون على قدر كبير من التجنى.. أولاً: لأن كل شأن من شؤون الحياة له أهمية بالنسبة لجانب من القراء، وثانياً: لأن ما لا يعجبك وتراه تافهاً قد يكون مثيراً ومُلهماً بالنسبة لغيرك، وثالثاً لأن الكاتب هو إنسان له حقوق فى هذه الحياة وله أن يعبر عن نفسه بحرية بعيداً عن ضغط ما يطلبه المستمعون أو القراء.

وإذا كان هناك رأى وجيه قد يبرز فى هذا الشأن قائلاً إن هناك أحياناً من القضايا ما يصح أن يعلو على سواه، وأن يشارك الجميع فيه بالرأى وإلا عُد هذا تهرباً من المسؤولية، فإن الرد على هذا بسيط، وهو أننا، ولعشرات السنين، عشنا تحت ضغط زاعق طول الوقت بأننا نعيش مرحلة فاصلة ونمر بمنعطف خطير ونحاول العبور من عنق زجاجة ضيق ونتعرض لمؤامرات الأعداء.. هذا هو حالنا منذ وعينا على الدنيا، حتى إن الناس فقدت القدرة على التمييز بين الخطر الحقيقى والمصطنع، بين العدو الذى ينبغى مواجهته، والصديق الذى يتعين الوقوف بجانبه، فهل مطلوب من الكاتب أن يستجيب لهذا على الدوام؟.. ثم بفرض أن الظرف هو حرج فعلاً والمنعطف خطير بحق وعنق الزجاجة يزداد ضيقاً، فماذا لدى الكاتب وهو فى الغالب تخنقه الحيرة أكثر مما يطمئنه اليقين؟.. كذلك يجب أن يعرف القارئ العزيز أن الكاتب يمتنع أحياناً من تلقاء نفسه عن الكتابة فى شأن معين، ويكتب فيما يرجح أنه سيُنشر، وذلك طبعاً دون أن يتخلى عن قناعاته أو يتبنى ما لا يؤمن به.

نسأل الله أن يهدى الجميع!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

القارئ والكاتب وحيرة دائمة القارئ والكاتب وحيرة دائمة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 10:20 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

فواكه طبيعية تعزز صحة الكلى وتساعد في تطهيرها بشكل آمن
  مصر اليوم - فواكه طبيعية تعزز صحة الكلى وتساعد في تطهيرها بشكل آمن

GMT 11:01 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

مصر تتفاوض مع شركات أجنبية بشأن صفقة غاز مسال طويلة الأجل

GMT 09:48 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

جيش الاحتلال يعلن اغتيال 5 قادة من حماس

GMT 10:21 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

ميلان يفرض سيطرته على الدوريات الكبرى برقم مميز

GMT 08:40 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الدلو الخمس 29 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 08:19 2020 الخميس ,13 آب / أغسطس

تعرفي على 5 طرق مبتكرة للتنظيف
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon