توقيت القاهرة المحلي 01:45:31 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الذين رفضوا الطمأنينة!

  مصر اليوم -

الذين رفضوا الطمأنينة

بقلم: أسامة غريب

كارل ساجان هو واحد من علماء الفيزياء والفلك الأفذاذ في القرن العشرين، ولقد ساهم في تبسيط علوم الفضاء والفلك لعامة الناس، وترك عند وفاته عددا وافرا من المؤلفات ترجم بعضها إلى العربية مثل «عالم تسكنه الشياطين» ترجمة إبراهيم محمد إبراهيم و«تنانين عدن (تأملات عن تطور ذكاء الإنسان) ترجمة سمير حنا صادق، و«بلايين وبلايين» ترجمة عزت عامر، و«نقطة زرقاء باهتة» ترجمة شهرت العالم.

في الغرب حيث حرية العقيدة مكفولة بحق وحقيق يهتمون بالعلم ويكرمون العلماء بصرف النظر عن ديانات هؤلاء العلماء أو معتقداتهم، وقد كان كارل ساجان ملحدا وكذلك زوجته آن درويان، وقد حدث عندما مات ساجان متأثرا بمشكلات في الرئة عام 1996 أن قام الصحفيون بدافع الفضول بسؤال زوجته أو بالأحرى أرملته أسئلة من نوعية: هل تراجع كارل في لحظاته الأخيرة عندما دنا الموت منه عن أفكاره وصار يعتقد في المسيح والدار الآخرة؟.. هل بسبب حبه لك آمن بأن هناك إلها سوف يجمعه بك بعد الرحيل في فردوس واحد؟.. ثم زاد الصحفيون على ذلك وسألوها: هل تتوقعين رؤيته مجددا؟ أجابت آن: لقد واجه كارل موته بشجاعة لا شائبة فيها.. لم يفكر أبدا في الهرب إلى الأوهام محتميا بها.. لطالما كانت مأساتنا في أننا كنا نعرف أنه بعد الموت لن نرى بعضنا مرة أخرى، وقد كان هذا دافعا لنا في أن نعيش السنين التي جمعتنا ببعض بمنتهى العمق والوضوح والتقدير والامتنان.. كنا نعرف أن أيامنا مع بعضنا قصيرة، وهذا جعلها أياما ثمينة. لم نقلل يوما من أهمية الموت بالتظاهر بأنه يمكن لنا أن نلتقى مرة أخرى..الطريقة التي عاملته بها والطريقة التي عاملنى بها أهم عندى من فكرة أننى سألتقيه مرة أخرى.. لا.. لا أتوقع أننى سأراه.. لقد رأيته وقد كان ذلك مدهشا. يحتاج المرء إلى شجاعة كبيرة ليدرك ويعيش حقيقة أن الموت إنما هو فراق آخر وأخير.

برغم أن هذه الإجابة تعتبر صادمة خاصة لدى من يؤمنون بالبعث مثل المسيحيين والمسلمين واليهود، أو من يؤمنون بتناسخ الأرواح والعيش حيوات عديدة كالبوذيين والهندوس، إلا أن الاعتقاد بما تراه السيدة آن دوريان يحتاج فعلا إلى شجاعة بصرف النظر عن مشاركتنا أو معارضتنا لمعتقداتها، إذ إن السهل والمريح الذي يبعث على السكينة ويمنح العزاء هو الاعتقاد بأن فراق الأحبة طارئ ومرحلى ولن نلبث أن نلتقى بهم من جديد في الجنة لنستأنف السعادة معهم كما لو كنا لم نفترق.. إن هذا في ظنى هو ما يعين الناس على تحمل سخافات الحياة ومتاعبها بنفس راضية، وهو كذلك ما يهدئ من اللوعة عند فقد عزيز، أما أن تقول السيدة دوريان إنها وزوجها كانا يعلمان أنهما لن يريا بعضهما مرة أخرى لأن الموت لن يتلوه بعث فهو يعبر عن مقدرة لا يحتملها البشر في العادة، إذ إنها رفضت كل المرطبات والمهدئات والمسكنات التي يقدمها الدين لأتباعه ليعبر بهم من فوق بوابات الجحيم وفضلت أن تصطلى بالنار ولا تمد يدها لكاهن

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الذين رفضوا الطمأنينة الذين رفضوا الطمأنينة



GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 23:01 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

ستارمر والأمن القومي البريطاني

GMT 22:55 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حول الحرب وتغيير الخرائط

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 13:51 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

ولي العهد السعودي يُدين الإجراءات التي اتخذتها إسرائيل في غزة
  مصر اليوم - ولي العهد السعودي يُدين الإجراءات التي اتخذتها إسرائيل في غزة

GMT 21:37 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران تؤكد على أهمية تنمية العلاقات مع السعودية
  مصر اليوم - إيران تؤكد على أهمية تنمية العلاقات مع السعودية

GMT 23:02 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

هيفاء وهبي حاضرة في منافسات سينما ودراما 2025
  مصر اليوم - هيفاء وهبي حاضرة في منافسات سينما ودراما 2025

GMT 19:53 2019 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

سقوط طائرة في كولومبيا ومقتل 7 من ركابها

GMT 17:57 2019 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

شبح مورينيو يعود للظهور في مانشستر يونايتد

GMT 08:54 2019 الأحد ,10 شباط / فبراير

الأهلي يكشف أسباب أزمة المؤجلات

GMT 14:16 2018 السبت ,22 كانون الأول / ديسمبر

أداما تراوري يُبرز جدية ليونيل ميسي في التدريبات

GMT 09:59 2018 الأربعاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

طليق رانيا يوسف يوجّه رسالة لها بعد أزمة فستانها الفاضح

GMT 03:08 2018 الخميس ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

سيد عبد الحفيظ يُعلن عن صفقات الأهلي الجديدة خلال أيام

GMT 04:18 2018 السبت ,27 تشرين الأول / أكتوبر

تامر حسني يُرزق بطفله الثالث ويكشف عن اسمه
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon