توقيت القاهرة المحلي 06:23:49 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الولاعة السحرية

  مصر اليوم -

الولاعة السحرية

بقلم أسامة غريب

زمان في النمسا، وكنت قد ذهبت إليها للعمل في الإجازة الصيفية، قابلت أحد الرفاق أثناء بحثى عن كابينة تليفون لعمل مكالمة دولية أطمئن فيها على الأهل بمصر. أخبرنى هذا الشخص بأن لديه طريقة مبتكرة لإجراء المكالمات الدولية دون دفع فلوس. عندما أبديت دهشتى، صارحنى بأنه على استعداد أن يبيعنى سره مقابل أمرين: الأول أن يحصل منى على مبلغ مائة شلن نمساوى، والثانى أن أقسم ألا أشيع السر. وافقت متشككًا، فطلب منى أن أنتظره ريثما يذهب إلى البيت ويعود سريعًا. عاد وفى يده كيس يخفى بداخله شيئًا، ثم أخذنى إلى مكان بعيد عند آخر خط الترام. توقف بجانب كابينة تليفون معينة ثم نظر يمينًا ويسارًا وفتح الكيس وأخرج منه ولاعة معدنية مما يُستخدم في إشعال البوتاجاز بدلًا من الكبريت. اقترب من الشاشة التي توضح المبلغ الذي يودعه الزبون الراغب في المكالمة ثم سدد إلى الشاشة دفعة من طلقات الولاعة. كرر هذا الأمر مرة بعد مرة، ولدهشتى الشديدة فوجئت بأن الشاشة قد تأثرت بالشرارات المنطلقة نحوها وبدأ العداد يشير إلى وجود مبالغ مالية!.. نظرت حولى في خوف، إذ إن ما حدث أمامى الآن يشكل جريمة.. لقد اضطرب العداد وتأثر بشرارات الولاعة مما جعله يبدو ممتلئًا بالمال دون أن نكون قد وضعنا أي عملات بالماكينة!. طلب منى أن أمليه الرقم وعندما فعلت ناولنى السماعة فأجريت المكالمة وتحدثت إلى أسرتى، وبعدها انتظرته بعيدًا على الرصيف وهو يجرى مكالمات بأهله وأصحابه وجيرانه وكل من يخطر على باله ممن لديهم تليفون. صارحنى بأنه عرف هذه الحيلة من شاب يوغوسلافى ممن تمتلئ بهم مدينة فيينا وأعاد علىَّ التأكيد بوجوب حفظ السر حتى لا تفسد المسألة ويفقد الاكتشاف قيمته. سألته إن كانت كل كبائن التليفون يمكن أن تمتلئ بالمال الافتراضى إذا ما سددنا نحوها ولاعة البوتاجاز، فنفى هذا الاحتمال، وأشار إلى أن هذه الكابينة فقط هي التي بها خلل لا يفهم كُنهه، وأن هذا الخلل هو الذي جعلها رقيقة وحنونة على المغتربين!. منحته المائة شلن التي طلبها وأقسمت على حفظ السر ثم تركته وانصرفت.
بعد عدة أيام، راودتنى نفسى أن أعيد الكَرّة وأذهب لإجراء مكالمة. ذهبت إلى أكثر من سوبر ماركت ومحل لبيع الأدوات المنزلية حتى عثرت على الولاعة المناسبة فاشتريتها ومضيت بالترام نحو المكان. عندما اقتربت من الكابينة وجدت طابورًا طويلًا يقف أفراده في انتظار الدور لإجراء مكالمة، ولاحظت أن كل واحد من الواقفين يمسك في يده كيسًا أدركت بالبداهة أنه يحوى الولاعة السحرية التي تتصل بكل بلاد العالم. ضم الطابور خليطًا متنوعًا من البشر، جمعت بينهم الرغبة في إجراء مكالمات بلوشى. لم أتمالك نفسى من الضحك لأن السر فشا وعرفته المدينة كلها، وتوقعت أن البوليس سرعان ما سيلاحظ الموقف ويفهم الحكاية، فاستدرت للخلف وألقيت أداة الجريمة التي في يدى في أقرب سلة مهملات، وأصبحت بعدها أكتفى بكتابة الرسائل البريدية للأهل عوضًا عن المكالمات!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الولاعة السحرية الولاعة السحرية



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 11:07 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

سعر الذهب في مصر اليوم الجمعة 24 كانون الثاني يناير 2020

GMT 00:28 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

خالد النبوي يكشف كواليس تدريباته على معارك «ممالك النار»

GMT 14:08 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحوت" في كانون الأول 2019

GMT 00:09 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

ارتدي جاكيت الفرو على طريقة النجمات

GMT 20:08 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة تصدر 9 قرارات تهم المصريين "إجازات وتعويضات"

GMT 08:01 2019 الأربعاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

عرض فيلم "الفلوس" لتامر حسني أول تشرين الثاني

GMT 08:44 2019 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

إنجي علي تفاجئ فنانا شهيرا بـ قُبلة أمام زوجته
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon