توقيت القاهرة المحلي 20:07:56 آخر تحديث
  مصر اليوم -

دفاع عن المنطق

  مصر اليوم -

دفاع عن المنطق

بقلم:أسامة غريب

في بلاد العرب يمكن أن نلمس وجود منظومات فكرية وسلوكية مرتبطة ببعضها كأنها حبات عقد، ولا أظن أن حبة منها تحضر دون حضور أخواتها. على سبيل المثال إذا وجدت رجلًا عربيًا متحمسًا ومؤيدًا لحرية السوق ومناوئًا لفكرة تدخل الدولة والتخطيط المركزى.. هذا الرجل ودون أن أعرفه أستطيع أن أقول لك وأنا مغمض العينين إنه يكره جمال عبدالناصر كراهية التحريم.
ليس فقط توجهاته الاقتصادية وليس فقط أخطاءه، لكن ستجده يلعن مجانية التعليم ودخول الفقراء المدارس والجامعات، مع أنه لا علاقة على الإطلاق بين تشجيع المشروع الخاص والسخط على حق الناس في التعليم، ورغم أن هذا الحق قد تم إقراره قبل 1952 بدليل أن عبدالناصر ورفاقه أنفسهم تعلموا بالمجان، لكن من الضرورى أن يربط هؤلاء بين عبدالناصر والمجانية ليرميهما معًا بقذائفه!. وستجده كذلك يكره مشروع السد العالى ويعتبره السبب في خراب مصر!،

وستجده بدون أسباب ينتابه حنين مرضىّ لأيام الملكية التي لم يعشها ولم يشهد يومًا واحدًا منها!. واستكمالًا لبقية حبات العقد سنجد الحبة التالية تتضمن حب إسرائيل أو على الأقل عدم الممانعة من التعاون معها، وهذا أمر بالغ الغرابة لأن من يحبون التجارة وتبادل السلع ورؤوس الأموال أمامهم السوق العربية الفسيحة، وبإمكانهم تحقيق ثروات طائلة لا يلوثها الدم العربى، لكنهم أبدًا لا يستطيعون أن يبعدوا أبصارهم عن الكيان الصهيونى. وهم لا يمكن بحال أن يحملوا أي إدانة لإسرائيل مهما ارتكبت من مجازر ومهما ولغت في دماء الأطفال، لكنهم في كل الأحوال سيلتمسون لها الأعذار وسيقومون بتحميل الضحية العربية كل اللوم لأنها الطرف الذي استفز اسرائيل الوديعة الطيبة!.

وبطبيعة الحال فإن الحبة التالية ستتضمن النقمة والسخط والغضب على كل من يقاوم إسرائيل أو يرفع يده أمام وجهه ليتفادى ضرباتها، وستتضمن هذه الحبة بذل كل الجهد والمال ووسائل الإعلام للتشهير بالمقاومين ولصق كل التهم والأوصاف البغيضة بهم. وغنى عن القول أن نفس هؤلاء المؤيدين لحرية السوق ودعه يعمل دعه يمر في بلادنا الحلوة ستجدهم من الكارهين للانتماء العربى، وإن كانوا يرحبون بالمال العربى لكن دون التورط في المحبة والتعاطف!. ولا أنكر أن هذه المسألة تحيرنى وقد فشلت في أن أعرف لها سببًا، ذلك أن المواطن في الغرب الرأسمالى الذي يعتبر المشروع الخاص في حكم المقدس، لا يعتنق نفس الأفكار ولا تتملكه نفس النوازع، فهو يستطيع أن يقيم بيزنسه الخاص دون أن يحب أعداءه، ودون أن يكره من يدافعون عن أرضهم، ودون أن يهيل التراب على كل تاريخه، ودون أن يمانع في أن يتعلم أهله بالمجان من خير بلدهم.

طبعًا لا يجوز اعتبار هذا الحديث دفاعًا عن الناصرية فأنا آخر من يفعل هذا، لكنه دفاع عن المنطق والاتساق والسيميترية الفكرية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دفاع عن المنطق دفاع عن المنطق



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 09:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يفتح آفاقا جديدة في علاج سرطان البنكرياس

GMT 08:28 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

غوتيريش يدعو مجموعة العشرين لبذل جهود قيادية لإنجاح كوب 29

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 01:54 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

أغنياء المدينة ومدارس الفقراء

GMT 09:59 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

نجوى كرم بإطلالات استثنائية وتنسيقات مبهرة في "Arabs Got Talent"

GMT 10:29 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

شريف مدكور يُعلن إصابته بفيروس يُصيب المناعة

GMT 12:37 2019 الأحد ,20 كانون الثاني / يناير

طبيب الأهلي يعلن جاهزية الثلاثي المصاب للمباريات
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon