توقيت القاهرة المحلي 02:36:47 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الوَحْش الحقيقي

  مصر اليوم -

الوَحْش الحقيقي

بقلم أسامة غريب

عندما شاهد بالتليفزيون إعلاناً يعرض نمراً آسيوياً من نوع شديد الضراوة يجلس فى حديقة البيت تحت قدمى صاحبه فإنه شعر بالإثارة ورغب فى اقتناء نمر مماثل. كان يدرك أن المسألة ليست هينة، لكن تحتاج منه لوقت وصبر وحنان ورعاية يقدمها للنمر حتى ينزع غدره ويصير بالإمكان الاطمئنان إليه، ومع ذلك فإنه لم يتحمس لفكرة أن يقتنى نمراً وليداً يربيه ويبدأ معه رحلة الحياة حتى يكبر فى كنفه ويصير صديقه.. أزعجته فكرة الانتظار وأراد أن يحصل على حيوان كبير منذ البداية. تحدث مع أصدقائه فى الموضوع فحذروه من الوحوش الكبيرة وذكّروه بأن حيوانات السيرك عادة ما تولد على يد مدربيها وتقضى العمر كله معهم، لكنها كثيراً ما نهشت كتف المدرب أو التهمت ذراعه عندما غفل عنها قليلاً. الحقيقة أنه خاف من فكرة أن يلقى مصرعه منهوشاً بفعل أنياب ومخالب وحش ناكر للجميل. اقترح عليه أحد الأصدقاء أن يقتنى حيواناً جباراً منزوع الأنياب والمخالب. أدهشته الفكرة.. وهل يوجد وحش مجرد من هذه الأسلحة التى بدونها لا يستطيع الصيد والحصول على الفرائس؟. أفتى صديقه بأن يجلب النمر قوياً عفياً ثم ينزع أسلحته بعملية جراحية يقوم بها متخصص، وذكّره بأن النمر لن تكون به حاجة إلى أسلحة، لأنه سيعيش حياة الباشوات مثل صاحبه، ثم أضاف أن المال يستطيع أن يتولى الأمر كله بداية من صيد الوحش وتخديره حتى شحنه بالطائرة ونزع أنيابه. لم يطمئن للفكرة وتساءل عن قيمة الحيوان الفاتك إذا كان بلا أنياب ومخالب وما حاجته إليه فى هذه الحالة؟، فليقتن قطة إذن أو عصفورا بدلاً من إهانة وحش وتدجينه!. قال الصديق: البريستيج يا رجل وصورتك التى سوف تضعها فى «إنستجرام» والوحش يجلس تحت قدميك فى حديقة القصر.. فضلاً عن الغيرة التى سوف تأكل أكباد أصدقائك من رجال الأعمال التافهين الذين يربون قططاً وكلاباً!.

لمعت الفكرة فى ذهنه فلم يكذب خبراً وشرع فى جلب واحد من أقوى وأضخم النمور. وصلت إليه البضاعة فراعه منظر الوحش، ثم تأكد من أنه بلا خطورة فعلاً وأن أسلحته المخيفة قد غادرته. لم يتردد فى أن يأخذ صوراً مع الضيف الجديد فى كل أنحاء البيت وفى جميع الأوضاع، لكنه لاحظ الحزن البادى على النمر واكتشف للمرة الأولى أنه سيعجز عن أكل اللحوم لغياب أسنانه. أشار عليه البعض بإطعامه جيلى ومهلبية وخضروات مضروبة فى الخلاط مثل الطفل الرضيع!. العجيب أن الجوع وغريزة البقاء دفعت الوحش فى البداية للتجاوب والإقبال على الطعام، غير أنه فى الأيام التالية عاف الطعام، ويبدو أنه تذكر المجد التليد الذى حُرم منه فسقط ضحية للاكتئاب والحزن وأخذ الهزال يعتصره. عبثاً حاول الرجل أن يجد حلاً وأتى بإخصائيين من كل مكان لم يستطيعوا سوى حقن النمر بالمحاليل المغذية.. وفى النهاية مات!.

شعر الرجل بأنه سيئ الحظ، وبأنه محسود، ونصحه أصدقاؤه بأن يريح أعصابه فى رحلة على ظهر اليخت تجوب به أوروبا عسى أن ينسى أحزانه ويتجاوز أزمته ويجد الوقت اللازم للتأمل حتى يفهم لماذا تعانده الدنيا وتبخل عليه بالسعادة!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الوَحْش الحقيقي الوَحْش الحقيقي



GMT 04:59 2024 الأربعاء ,03 تموز / يوليو

العروبة والوحدة

GMT 04:59 2024 الإثنين ,01 تموز / يوليو

ليت قومى يعقلون

GMT 06:42 2024 السبت ,22 حزيران / يونيو

وارد بلاد برة

GMT 23:52 2024 الثلاثاء ,18 حزيران / يونيو

مأمون الشناوي

GMT 03:14 2024 الجمعة ,14 حزيران / يونيو

الاتفاق العادل غير مطلوب

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 23:48 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يناقش إبعاد بعض وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله
  مصر اليوم - ترامب يناقش إبعاد بعض  وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله

GMT 03:10 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

داليدا خليل تستعد للمشاركة في الدراما المصرية

GMT 21:21 2015 الأربعاء ,15 إبريل / نيسان

أهالي قرية السلاموني يعانون من الغرامات

GMT 02:17 2016 الثلاثاء ,21 حزيران / يونيو

فوائد عصير الكرانبري لعلاج السلس البولي

GMT 01:18 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

سامسونج تكشف عن نسخة باللون الأحمر من جلاكسى S8

GMT 17:27 2022 الثلاثاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

أطعمة تمنع مرض الزهايمر أبرزها الأسماك الدهنية

GMT 15:02 2021 الإثنين ,11 تشرين الأول / أكتوبر

ريلمي تعلن موعد إطلاق النسخة الجديدة من هاتف Realme GT Neo2T

GMT 13:46 2021 الثلاثاء ,05 تشرين الأول / أكتوبر

رامي جمال يروج لأغنية "خليكي" بعد عودة انستجرام

GMT 04:47 2021 الأربعاء ,08 أيلول / سبتمبر

{غولدمان ساكس} يخفض توقعات نمو الاقتصاد الأميركي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon