بقلم - أسامة غريب
كل من سافر إلى إسطنبول عن طريق وكيل سياحى لا بد وأنه قد صادف فى برنامج الرحلة زيارة مصنع الجلود!.. فى المرة الأولى لم أفهم الموضوع، ولم أستوعب كيف يتصورون أن الزائر لأى بلد قد يسعده زيارة مدبغة؟، لكن بعد أن اصطحبنا الدليل والمترجم العربى وجدنا أنفسنا داخل معرض لبيع المنتجات الجلدية وليس مصنعًا!.. آه هكذا هو الأمر إذن.. إن شركات السياحة لا يسعها القول بأنها تأخذ (الزبائن) وتذهب بهم لمحل كبير يعرض للبيع منتجاته الجلدية التى لا يرغب فيها أحد، لكن تزعم اصطحاب الفوج السياحى فى زيارة إرشادية لمصنع الجلود!.. ولسنا فى حاجة للقول إن الوكيل السياحى يتقاضى من معرض المنتجات الجلدية عمولة سخية مقابل كل أتوبيس يحط الرحال على باب معرضهم، خاصة أن أسعار المنتجات باهظة ويستعينون على بيعها بعارضات من أوروبا الشرقية يقدمن استعراضًا للمعاطف والأردية، وهو ما يشجع بعض السذج المأخوذين بجو المكان لشراء جواكت وسراويل من الجلد لن يجرؤوا على لبسها أبدًا!.
أما فى كوالالمبور حيث يذهب السائح من أجل زيارة المعالم السياحية التى تتضمن المعابد البوذية والهندوسية، وكذلك المساجد الأثرية القديمة والشواهد المعمارية الحديثة والأسواق.. ولكن الشركة السياحية تأبى إلا أن تحشر بكل برنامج زيارة لمصنع القصدير.. ومن الطبيعى أننا سنكتشف أنه ليس مصنعًا أيضًا لكنه عبارة عن معرض لبيع المنتجات المصنوعة من القصدير كالأطباق وأكواب الشراب، وهناك يبيعون كذلك المنتجات الخزفية وتلك المصنوعة من الخشب. والغريب أنك ما إن تتخطى زيارة مصنع القصدير حتى يأخذك الدليل ويذهب بك إلى مكان آخر للبيزنس هو معرض الشوكولاتة، وهناك تجد أنواعًا مختلفة من الحلوى.. صحيح أنها لذيذة لكنها موجودة بكل مكان ويمكن شراؤها من السوبر ماركت، لكن توجه الباص السياحى بالمجموعة إلى هناك يكفل للشركة المنظمة للرحلة الحصول على عمولة تواكب عدد الرؤوس التى جلبوها وفرضوا عليها دخول المحل!.
أما فى اليوم التالى فلا ينسى السائق أن يتوجه بالمجموعة وهى فى طريقها لزيارة أحد المعالم الأثرية إلى معرض الشاى والبن حيث يبيعون أنواعًا مختلفة من الشاى والقهوة.. بعضه جيد لكنه متاح للبيع فى كل مكان أيضًا. ولا يختلف كل ذلك عما يفعله الدليل المصرى الذى يذهب بمجموعته السياحية إلى بازارات خان الخليلى وغيرها حيث يشترى أفراد الفوج أوراق البردى والملابس التقليدية والمنتجات اليدوية من تحف وسجاد وغيرها.. وفى آخر الجولة تذهب العمولة إلى صاحب النصيب. هناك كذلك المطاعم الموجودة على طرق السفر والتى تتوجه إليها الباصات الناقلة للركاب من مدينة لأخرى فى دول العالم المختلفة.. يتوجه السائق فى العادة إلى المطعم الذى يقدم له الطعام والشراب بالمجان وقد لا ينساه من نفحاته المالية. وفى الحقيقة لا تقتصر مثل هذه الأمور على بلد دون بلد، إذ إننى شاهدتها فى أماكن كثيرة من العالم، لكن الفرق دائمًا يكون فى نسبة الخشونة والفظاظة أثناء البحث عن المكسب والاستفادة من السائح.