بقلم أسامة غريب
فى شهر مايو الماضى، أقر مجلس الشيوخ الأمريكى قانوناً باسم العدالة ضد رعاة الإرهاب، واختصاره «جاستا». صاحب التسمية هو السيناتور الديمقراطى «تشاك شومر»، الذى قام بمشاركة السيناتور الجمهورى «جون كورنين» بتقديم القانون للمجلس. وكما وعد الرئيس أوباما، فإنه مارس حق الفيتو واعترض على القانون خشية تأثيراته السلبية على الولايات المتحدة نفسها، إلا أن البرلمان بمجلسيه الشيوخ والنواب قد صوّت على القانون وأبطل الفيتو الرئاسى، وبهذا أصبح القانون نافذاً وجاهزاً للعمل به فى المحاكم.
وتكمن خطورة هذا القانون فى أنه يسمح لأهالى ضحايا هجمات الحادى عشر من سبتمبر بمقاضاة الدول التى قامت بالتحريض على الهجمات وتمويل مرتكبيها. لم يذكر القانون اسم السعودية صراحة، ولكن مَن غيرها سيتم تحميله المسؤولية؟
لقد بات واضحاً من مخرجات السياسة الأمريكية فى الشرق الأوسط خلال العام المنصرم أن الإدارة الأمريكية قد نفّضت يدها من التزامها التاريخى بحماية المملكة وباتت تقف على النقيض من المصالح السعودية، حتى إنها وقّعت الاتفاق النووى التاريخى مع إيران بعد مفاوضات سرية جرت من وراء ظهر الحلفاء العرب، وقد تجلى هذا الموقف الأمريكى الجديد فى الحوار الشهير لأوباما مع مجلة «أتلانتك» فى شهر مارس الماضى عندما أكد أن السعودية قد رعت التطرف الإسلامى فى العالم وأمدته بالمال والأئمة والدعاة، وضرب مثلاً بإندونيسيا التى عاش فيها فترة من طفولته، وقال إن الإسلام فيها كان وسطياً معتدلاً قبل وصول الأموال والشيوخ الوهابيين الذين حولوها لكيان متطرف تمرح فيه الأفكار الإرهابية. وزير الخارجية الأمريكى جون كيرى أيضاً لم يُقصر فى تصريحاته المعبرة عن السياسة الجديدة حين قال إن التسعة عشر إرهابياً الذين قاموا بهجمات 11 سبتمبر لم يكن من بينهم إيرانى واحد، بينما كان من بينهم خمسة عشر سعودياً.
هناك من يرى أن القانون قد يترتب عليه مئات القضايا فى المحاكم الأمريكية أسوة بما تم مع ليبيا بالنسبة لطائرة لوكيربى، وقد تتم مصادرة الأصول ومن ضمنها أذون الخزانة التى قدرتها «النيويورك تايمز» بـ 750 مليار دولار قبل أن تؤكد وزارة الخزانة الأمريكية أنها 116.8 مليار دولار، ويرون أيضاً أن الأمر قد لا يتوقف على الأموال والتعويضات، بل قد يتعداه إلى العقوبات الدولية.
وعلى الرغم مما يبدو الأمر عليه، فإن المسألة ليست بهذه القتامة، فأولاً، نحن ومعنا الضمير الإنسانى نؤيد حق ضحايا 11 سبتمبر فى الاقتصاص من المسؤولين عما حدث لذويهم، بصرف النظر عن حيثية هؤلاء المسؤولين، وثانياً، نحن نثق فى القضاء الأمريكى ثقة كبيرة، فهو قضاء لا يظلم الأبرياء، وذلك لكونه ليس شامخاً، لكنه قضاء عادل لا يتلقى الأحكام بالتليفون وبالتالى ليست هناك خشية من المثول أمامه. ليس هذا فقط، لكن هناك جوانب إيجابية أخرى لا يصح إغفالها فى القانون، منها أن يد العدالة الأمريكية قد تتدخل عبر القضاء الأمريكى نفسه وتحكم ضد مسؤولين أمريكان ارتكبوا جرائم فى بلادنا، ومن المفهوم أن حكامنا لن يحاولوا أبداً، بالطرق الدبلوماسية أو غيرها، الإتيان بحق الضحايا العرب.
نتمنى السلامة للشعب السعودى الشقيق، كما يسعدنا أن يأتى القضاء العادل بحق أى مظلوم.