بقلم: أسامة غريب
نشر موقع «إيران إنترناشيونال» أن الاتفاق النووى بين إيران والولايات المتحدة قد تم بالفعل، وأنه سوف يتم الإعلان عنه فى غضون أسبوعين أو ثلاثة.. لكن من جهة أخرى مازالت التصريحات الأمريكية تنفى التوصل إلى اتفاق.. كذلك تصريحات المسؤولين الإيرانيين تشير إلى بقاء عدة موضوعات معلقة قبل إعلان استئناف الاتفاق الذى انتهكه الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب. من أهم الموضوعات التى كانت مثار خلاف بين الطرفين الأمريكى والإيرانى، أن طهران أرادت الاحتفاظ باليورانيوم المخصب وبأجهزة الطرد المركزى داخل الأراضى الإيرانية تحت إشراف دولى، لكن واشنطن أعلنت الرفض القاطع لهذا الأمر، مصممة على نقل اليورانيوم إلى دولة أخرى مع تدمير أجهزة الطرد المركزى أسوة بما حدث فى اتفاق عام 2015. كانت إيران تبغى من وراء طلبها هذا أن تكون لديها القدرة فى حال انسحب الأمريكان من الاتفاق مجددًا - وهذا وارد - على استئناف تخصيب اليورانيوم بعد ربع ساعة من الانتهاك الأمريكى المفترض!.
ومع ذلك، فإن فى وسع إيران إذا ما أقدمت السلطة فى واشنطن تحت إدارة الجمهوريين على الخروج من الاتفاق أن تعيد بناء أجهزة الطرد كما فعلت بعد عام 2018 عندما نجحت فى تصنيع آلاف الأجهزة المتطورة ورفعت التخصيب إلى مستوى ستين بالمائة. أما الطلب الذى لن تتنازل عنه إيران مطلقًا وتحت أى ظرف حتى لو أدى هذا لهدم معبد المفاوضات على رؤوس الجميع، فهو أن تقبل بقاء اتهامات الوكالة الدولية للطاقة الذرية بوجود آثار يورانيوم فى ثلاثة مواقع غير معلن عنها.. تريد إيران أن يتم إغلاق هذا الموضوع رسميًا وعدم مناقشته من جديد، لأنها ترى أنه اتهام مُسيّس، تقف إسرائيل خلف إطلاقه.
وفى الحقيقة، فإن الراصد للحالة الإيرانية وموقف الوكالة الدولية منها لا يستطيع أن يغفل أن رافائيل جروسى، مدير الوكالة، أصبح تقريبًا المتحدث الرسمى باسم تل أبيب، وهو يحصل طول الوقت على معلومات من إسرائيل، كما يذهب لزيارتها ويعقد اجتماعات مع قادتها بشأن أمور تتعلق بوظيفته، ويخرج بعدها بتصريحات تتبنى وجهة النظر الإسرائيلية فى صراعها مع إيران.. ولو كان المقام مقام كوميديا لأمكن كتابة عمل أدبى ساخر عن هذا الرجل الذى يتغافل عن وضع إسرائيل النووى وعدم خضوعها للوكالة، ومُضيها فى تصنيع الرؤوس الحربية النووية، ثم يذهب إلى زيارتها ليستمع من زعمائها عن شكوك تتعلق بدولة أخرى يريدون لها أن تتأدب على يد مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية!. المهم أن إيران ترفض تمامًا بقاء هذه الاتهامات معلقة بعد توقيع الاتفاق النووى، لمعرفتها أن هذا الموضوع ستتخذه أمريكا ذريعة، بموافقة بريطانيا وفرنسا وألمانيا، لفرض عقوبات جديدة ضد إيران لا علاقة لها بالاتفاق النووى الذى سيكون قد تم توقيعه، أى أن الغرب سيحصل على التزام إيرانى صارم بعدم التخصيب، ثم يوقع عليها عقوبات دولية جديدة متحججًا بتحقيقات الوكالة (المحايدة).. وهنا تضطر إيران إلى الخروج عن الاتفاق فتصير دولة مارقة!. هذه هى الخطة الإسرائيلية الغربية التى تعرفها إيران جيدًا.