بقلم أسامة غريب
المهدى المنتظر هو شخص يؤمن الكثير من المسلمين بحتمية ظهوره فى آخر الزمان بعد أن تمتلئ الأرض بالمظالم ليقوم بمحاربة أهل الظلم فينتصر عليهم ويملأ الأرض عدلاً وإنصافاً.
يؤمن أهل السنة بفكرة المهدى المنتظر، كما يؤمن بها الشيعة الإثنا عشرية، وعلى الرغم من خلو صحيح البخارى وصحيح مسلم من أحاديث عن المهدى المنتظر، إلا أن الكثير من أئمة الحديث قد تحدثوا عنه، ومنهم أبو داوود والترمذى وابن ماجة والبزار والحاكم والطبرانى. والمهدى عند أهل السنة يُعتقد أنه يولد قبل توليه الحكم ببضعة عقود، ولم يرد فى أى نص من نصوص معتقد أهل السنة أن المسلمين تتوقف حياتهم فى انتظاره، فلا توجد شعيرة إسلامية نقول إنها غائبة حتى يأتى الإمام المهدى، فلا صلاة الجمعة ولا الجماعة ولا الجهاد ولا تطبيق الحدود ولا الأحكام ولا شىء من ذلك مرهون بوجوده، بل المسلمون يعيشون حياتهم الطبيعية ويمارسون عباداتهم وأعمالهم ويجاهدون ويصلحون ويتعلمون، فإذا وُجد هذا الرجل الصالح وظهرت أدلته القطعية التى لا لبس فيها تبعوه وأسلموه قيادهم.
أما الشيعة فيؤمنون بأن محمد المهدى هو آخر الأئمة الإثنى عشر الذى تولى الإمامة بعد أبيه الحسن العسكرى، وهم يعتقدون أن له غيبتين الأولى هى غيبته الصغرى، وقد امتدت 69 عاماً، وكان اتصال الشيعة به عن طريق سفرائه، أما الغيبة الثانية فهى الكبرى، وقد بدأت بعد وفاة آخر سفير من سفرائه، ويرون أن غيبته واحتجابه لأمر أراده الله، ويعتقدون كذلك أن مثل عُمْره وحياته كمثل عمْر وحياة المسيح والخضر بإعجاز إلهى، ومن علامات ظهوره آخر الزمان خروج الدجال وخروج السفيانى وانتشار الجور والظلم فى الأمة.
وربما أن تغلغل الاعتقاد بفكرة المهدى المنتظر لدى المسلمين كانت سبباً فى أن يظهر كل فترة أحد النصابين فيزعم أنه المهدى المنتظر، وهو يأتى فى العادة ومعه زفة من المستفيدين يبايعونه ويقدمونه للرعية، حتى إذا ساءت الأحوال فى وجوده اكتشف الناس حقيقته وعرفوا أنه دجال، وفى العادة ينتهى الأمر بمقتله على يد من خدعهم. ولقد كنت أعتقد شخصياً بعد ظهور عبدالعاطى قبل سنوات أنه هو المهدى المنتظر الذى سيملأ الأرض كبيبة شامى وفتة كوارع وبيكاتا بالشامبينيون، لكن غياب عبدالعاطى عن الصورة نفى أن يكون هو المهدى المنتظر. بعد ذلك وجدنا أن الأقدار كانت تخبئ لنا واحداً من نوع آخر، فلا هو يعد بالكفتة ولا بالشفاء، وإنما هو عبارة عن شخص صايع تم اكتشافه فى نفس الوقت الذى اكتشفوا فيه العُكش، وهو ينتمى إلى نفس المدرسة الهجائصية. المهم أن الدفع بشخصيات هزلية كهذه وقت الجد هو للمساعدة على تمييع القضايا الحقيقية وسحب الوعى عبر شغل الناس بالأوهام وجعلهم يتلهون بالكلام الفارغ.. وما حكاية المهدى المنتظر التى صارت حديث الناس وحكاوى القهاوى إلا مصداقاً لما أقول، ولا يهم بعد ذلك ما يفعله الناس بهذا الشخص، حتى إذا فتكوا به، فهو فى النهاية مجرد عيّل صايع!