بقلم: أسامة غريب
عالج الكثير من القصص والأفلام موضوعات تتعلق بالأشباح، كان بعضها تجاريًّا خفيفًا يهدف للتسلية وإزجاء الوقت، بينما تعمق بعضها فى الموضوع وكانت له رؤية جديرة بالتأمل. ومن هذا النوع الأخير فيلم «الآخرون» الذى لعبت بطولته نيكول كيدمان، وفى آخره نعرف أن الأم وأطفالها الذين يسكنون بيتًا يسمعون فيه أصواتًا مزعجة ما هم سوى أشباح، لأن الأم قتلت أطفالها وانتحرت، وما الأصوات المزعجة التى تضايقهم إلا أصوات البشر أصحاب البيت!.
وكذلك فيلم «الحاسة السادسة»، بطولة بروس ويليس، معه طفل صغير كان يرى الموتى ويتحدث إليهم. ومن أهم القصص التى تناولت هذا العالم قصة «البيت المسكون» للأديالفرنسى أندريه موروا.. وهذه القصة تحكى عن امرأة اشتدت عليها وطأة المرض، وكانت ترى أثناء مرضها حلمًا واحدًا يتكرر كل ليلة، فتحلم أنها تسير فى طريق ريفى طويل يقع فى نهايته منزل تحيط به الأشجار، وتترامى فيما وراء هذا المنزل حقول يكسوها العشب الأخضر.
كان هذا البيت يجذبها إليه فى الحلم فتسير نحوه، حتى إذا وصلت إليه ووقفت أمام بابه الأبيض تستولى عليها رغبة فى أن تزور هذا المنزل وتتفقده من الداخل، فتطرق بابه ولا يفتحه أحد، وتظل تطرق حتى تصحو من النوم. تكرر هذا الحلم ليلة بعد ليلة حتى اعتقدت السيدة أنها لابد تعرف هذا المنزل منذ الطفولة، لهذا ما إن شُفيت وتركت الفراش حتى عزمت على أن تبحث عن هذا البيت فى جميع المناطق الريفية التى مرت بها فى حياتها.
قضت شهورًا طويلة فى رحلة البحث حتى عثرت أثناء تجوالها فى ضواحى باريس على طريق طويل شعرت فى الحال أنه ذلك الذى طالما تراءى لها فى أحلامها. مضت بالسيارة حتى رأت أعالى الأشجار المرتفعة التى تعرفها، ثم برز لها جدار يتوسطه الباب الأبيض. تركت السيارة وقرعت الجرس فانفتح الباب وأطل منه شيخ عجوز تلوح على وجهه أمارات الحزن. نظر الشيخ إليها طويلًا وظهرت عليه علامات الفزع ثم استحال فزعه إلى دهشة عقدت لسانه.
قالت له السيدة إنها لا تعرف أصحاب البيت لكنها ترغب فى الدخول لزيارتهم، فرد الشيخ بأن هذا المنزل معروض للإيجار، وأن أصحابه قد أوكلوا إليه أن يعرضه على الراغبين فى استئجاره. وهنا أبدت السيدة دهشتها من أن يتخلى أصحاب بيت جميل كهذا عن أيقونتهم ويعرضوه للإيجار، فقال لها الرجل إن أصحاب البيت كانوا يقيمون فيه لكنهم اضطروا للجلاء عنه لأنه مسكون.
سخرت السيدة من فكرة وجود أناس مازالوا يؤمنون بهذه الأشياء، لكن الشيخ قال لها: أنا شخصيًا لم أكن أعتقد فى الأشباح، ولكنى رأيت بعينىّ رأسى أمام باب المنزل ذلك الشبح الذى أفزع أصحاب الدار وأرغمهم على الجلاء عنه. عندما ردت مبتسمة: يا لها من قصة طريفة، فإن الشيخ أجابها: إنها قصة لا يجب عليك أنت بنوع خاص أن تهزئى بها لأنك كنتِ ذلك الشبح!.