توقيت القاهرة المحلي 07:48:29 آخر تحديث
  مصر اليوم -

القارعة

  مصر اليوم -

القارعة

بقلم:أسامة غريب

فى مباريات كرة القدم قد يقدم الفريق أسوأ أداء، ومع ذلك تخرج جماهيره سعيدة لأنه حقق الفوز. الانتصارات تدارى السوءات، لكن الهزائم هى التى تكشف الأخطاء، والهزائم أنواع وأكثرها وقعا هى الهزيمة بالضربة القاضية، فهى فضلا عما تلحقه بالمهزوم من أضرار مادية فإنها تمس كرامته وكبرياءه الشخصى، وذلك لأنها تذكره بفشله وتقصيره. لهذا فإن الضربة القاضية تملأ نفس المهزوم بالغضب وتشعل رأسه بالحنق والنقمة، وتجعله يعقد العزم على الثأر مهما كلفه الأمر من جهد ومشقة واستعداد وتدريب.

وعلى العكس من هذا فإن الهزيمة بالنقاط أدعى للتراخى والكسل، فهى تجعل المهزوم فى معظم الأحوال راضيا عن أدائه، فيظن أن ما حدث هو تعادل أو نتيجة أقرب للتعادل، وذلك على الرغم من أن الهزيمة بالنقط هى هزيمة كاملة!. وربما أن المثال الأبرز للهزيمة بالضربة القاضية هو ما وقع للدول العربية فى الخامس من يونيو عام ١٩٦٧ عندما باغتنا الإسرائيليون وانقضوا علينا فألحقوا بنا أفدح الأضرار وتمكنوا من تدمير الجيوش واحتلال الأرض. ومن الطبيعى أنّ الغضب الذى صاحب الهزيمة كان هو الوقود الذى ألهب عزيمتنا وجعلنا نثأر فى حرب أكتوبر ٧٣.

مأساتنا فى العالم العربى الآن أننا مهزومون بالنقاط، وهذا لا يجعلنا نشعر بفداحة الحالة التى تردينا إليها رغم السوس الذى ينخر فى البدن ويسحب منه ماء الحياة. وخطورة الأمر هنا أن الشعوب لا تنتبه وتستجيب لدواعى الواقع الردىء إلا عندما يكون القهر والقمع الداخلى على درجة مريعة من الوحشية، فأنظمة مثل نظام الأسد فى سوريا ونظام صدام فى العراق والقذافى فى ليبيا هى أكثر إثارة للوعى من أنظمة أخرى ناعمة تمارس الاستبداد والظلم بهدوء دون أن تجعل الدماء تصل فى النافوخ لدرجة الغليان ودون أن تجعل المواطن راغبا فى الثأر!.

إنى أعتقد أن الألمان واليابانيين قد نهضوا من تحت ركام الحرب العظمى الثانية بسبب أن الهزيمة كانت ساحقة ماحقة لم تترك فرصة لأى متنطع ليجادل ويحاول تحويلها بالمهرجانات الإعلامية إلى نصر! ولقد كان من الممكن أن يستمر جوبلز يسوق أكاذيبه لو أن القوات الألمانية قد استمرت فى تحقيق الانتصارات فى ميادين القتال. ما أوقف الهراء الإعلامى هو الهزيمة الواضحة وليس شيئا آخر. حتى أفكار سيادة الجنس الآرى كان يمكن للشعوب التعيسة أن تتبناها وتصدقها وتظن فى نفسها عدم الجدارة.. ما نسف هذه الأفكار ليس فسادها ولكن الهزيمة العسكرية لأصحابها. ولعلنا نذكر أن صدام حسين قد ظل يحتفل كل سنة من ١٩٩١ حتى دخول الأمريكان بغداد ٢٠٠٣ بانتصاره الذى حققه فى أم المعارك، وكان يمكن أن يظل حتى يومنا هذا يقيم الأفراح والليالى الملاح فى ذكرى انتصاره المزعوم. لم يوقف المهزلة سوى سقوط بغداد وهروب صدام ثم القبض عليه وإعدامه.

يحتاج العرب حكاما ومحكومين إلى الشعور بحقيقة ما هم فيه حتى يسعوا إلى تغيير الواقع بالوسائل السلمية بدلا من أن تدركهم القارعة!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

القارعة القارعة



GMT 07:48 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

مفكرة القرية: الإلمام والاختصاص

GMT 07:47 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

إيران بين «طوفان» السنوار و«طوفان» الشرع

GMT 07:46 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

عواقب النكران واللهو السياسي... مرة أخرى

GMT 07:45 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

الهجوم الإخواني على مصر هذه الأيام

GMT 07:43 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

المشهد في المشرق العربي

GMT 07:42 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

المعادلة ليست ميادة أم أصالة

GMT 07:31 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

عيد الميلاد المجيد... محرابٌ ومَذبح

GMT 07:30 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

المسافات الآمنة!

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 19:23 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

خروج مسلسل ظافر العابدين من موسم رمضان 2025 رسمياً
  مصر اليوم - خروج مسلسل ظافر العابدين من موسم رمضان 2025 رسمياً

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 11:41 2019 الخميس ,20 حزيران / يونيو

ميتسوبيشي تعلن طرح "إي إس إكس" 2020 أيلول المقبل

GMT 07:09 2019 الثلاثاء ,28 أيار / مايو

معرض بريطاني فوتغرافي للهاربين من نار النازية

GMT 23:36 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

بورصة تونس تقفل على ارتفاع بنسبة 41ر0 %

GMT 03:43 2019 الأربعاء ,27 آذار/ مارس

رنا سماحة تستعد لطرح أحدث أغانيها "مكسورة"

GMT 22:32 2019 الأربعاء ,02 كانون الثاني / يناير

المخرج كريم اسماعيل يوقع عقد إخراج فيلم "الشاطر"

GMT 22:29 2018 الثلاثاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

ابنة هيفا وهبي وحفيدتها يشعلان مواقع التواصل بمقطع فيديو

GMT 20:12 2018 الأربعاء ,05 أيلول / سبتمبر

أجييري يؤكد أن علاقته مع محمد صلاح "استثنائية"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon