بقلم أسامة غريب
فى كل فترة تثور أخبار عن قرب بيع بنك القاهرة، وتأخذ الشائعات فى التناثر عن اسم المشترى وثمن الصفقة، وبعدها يهدأ كل شىء، فلا البيع يحدث ولا الصفقة تتم.
وعلى الرغم من أن المسؤولين بالبنك قد أعلنوا الشهر الماضى أن أرباح البنك عن عام 2015 بلغت 2.2 مليار جنيه، وهذا ربح كبير، فأعتقد أنه كان خليقاً بنا التمسك بالبنك وليس بيعه، فإن التفكير فى البيع لا يزال قائماً، ولا أدرى كيف يكون هذا؟.. منشأة اقتصادية تدر كل هذا الربح مملوكة لشعب مصر، نتبرع ببيعها وخروجها من أيدينا لتذهب هذه الأرباح لمستثمر لا يعنيه أمرنا!.. وبكم يكون البيع يا ترى؟.. ربما يبيعونه بما يساوى أرباح سنتين أو ثلاث.. لا أدرى. المهم أنه بعد أن يستعد الناس لخبر البيع تخرج أخبار أخرى تنفى نية البيع وتقول: لا نية للبيع وإنما سيتم طرح نسبة كذا فى المائة بالبورصة.. فما حقيقة الأمر أفادكم الله؟.
فى ظنى أن تعثر عملية بيع هذا البنك طوال السنوات الماضية إنما تعود كما ذكر المهندس نائل الشافعى، مؤسس موسوعة المعرفة، إلى كمية الجثث المخفية فى مستنداته، وهو يقصد بالجثث حجم القروض التى أخرجها البنك ثم عجز عن استردادها، وهى قضية نذكر وقائعها منذ أواخر التسعينيات عندما قاموا بتحميل رئيس مجلس إدارة البنك محمد أبوالفتح المسؤولية وزجوا به فى السجن بعد هروب مجموعة من اللصوص بأموال البنك دون أن يتركوا ضمانات يضع البنك يده عليها. يذكر المهندس نائل أن محمد أبوالفتح مات فى السجن عشية إعلانه أنه فى اليوم التالى سوف يقدم للتحقيق التسجيلات التليفونية التى تثبت أنه قام بإخراج القروض بتعليمات من الكبار، لكن القدر لم يمهله ومات فى نفس الليلة!.
من المعروف أن رجال الأعمال السفلية الذين أخذوا الفلوس وطاروا كانوا جميعاً من أصدقاء جمال مبارك، ويقال إنه هو الذى كان يشير بنزح المال وتسليمه لأصدقائه، ومن الطبيعى أن أحداً فى تلك الفترة لم يكن يستطيع أن يرد له طلباً، حيث كان هو الحاكم الفعلى لمصر وعاث ومعه شلته فى مصر خراباً وإفساداً.. ورغم أن جمال مبارك دخل السجن ومعه أبوه وأخوه فى قضية سرقة مخلة بالشرف، إلا أنه يبدو أن الجرائم التى لم تطله فيها يد القانون أكبر بكثير. وقد تثير حدوتة بنك القاهرة هذه ضحك الناس فى الخارج عندما يسمعون أن مستثمراً دخل السجن لأنه عجز عن السداد، أو أن مدير بنك قُدم للمحاكمة لأن مقترضاً أخذ المال ثم ركب الناقة وشرخ. الضحك سببه أنه فى بلاد ربنا كلها لا أحد يُسجن بسبب القروض، واليوم الذى يهرب فيه المقترض ويغادر البلاد رافضاً السداد هو يوم المُنى بالنسبة لأى بنك، ذلك أنه من المفترض أن هناك أصولا وضمانات تفوق حجم القرض فيكون البنك كسبان ولا يخسر أبداً. أما عندنا حيث الضمانات وهمية والرعب من ذوى النفوذ يمنع مسؤول البنك من الرفض خشية إيذائه والتنكيل به، فإن المال يتم غرفه بسهولة!
لكن على أى الأحوال مَن يدرى.. لعل الجثث المخفية فى الدفاتر تكون سبباً فى عزوف المشترين عن شراء بنك القاهرة، فلا نفقده فى هذه الأيام اللذيذة!