توقيت القاهرة المحلي 05:04:16 آخر تحديث
  مصر اليوم -

رجال بلا آباء!

  مصر اليوم -

رجال بلا آباء

بقلم:أسامة غريب

كان الوصول إلى مدرسة غمرة الإعدادية يتطلب بعد الخروج من البيت أن أعبر يوميًّا شوارع لها أسماء: صبرى وحمدى وذهنى ورستم وفخرى دون أن أجد شخصًا واحدًا لديه القدرة على تفسير مَن يكون هؤلاء البشر الذين قطعت محافظة القاهرة صلتهم بآبائهم عندما أطلقت أسماءهم الأولى فقط على شوارع مهمة بحى الظاهر؟.

هذا وقد فشلتُ فى الوصول إلى إجابات مقنعة بشأن هؤلاء الناس، ومعظم الإجابات كانت ظنيّة ولا يمكن إثباتها، بل إن بعض الظرفاء قد نسب نفسه إلى نفر منهم، فزميلنا فى الفصل أحمد ذهنى أخبرنا أن شارع ذهنى منسوب إلى والده، وجارتنا سناء حمدى زعمت أن شارع حمدى على اسم أبيها.. وحتى التخمينات المعقولة التى قالت إن ميدان فخرى يحمل اسم القطب الوفدى فخرى عبدالنور لم يكن من دليل عليها إلا زعْم أصحابها.

بعد قليل، عرفت من أصحابى أن هناك شارع ماهر بالعباسية، وأن أحدًا من السكان لا يعرف مَن يكون الأخ ماهر، كما عرفت أيضًا بوجود شارع خيرت بالسيدة زينب وشارع منصور فى باب اللوق وشارع مؤنس فى عابدين.. وبتقدم السن وزيادة الخبرة والتجوال فى العاصمة التقيت شخصيًّا بشارع رمزى وشارع قدورة وحارة دياب وعطفة فهمى وزقاق عطية ودرب عليوة.

وكلها هكذا أسماء مجهَّلة لا تساعد مَن يريد أن يفهم، ويبدو أن اللجنة التى تجتمع لاختيار أسماء الشوارع يكون أصحابها فى الغالب منفعلين ومتأثرين بأسماء معروفة لهم ولجيرتهم فى الحى، فلا ينازعهم أحد عندما يطلقون على الشارع أو الحارة اسم عبدالشكور.. ولِمَ الحيرة فكلهم يعرفون عبدالشكور أفندى الرجل الشهم الذى أطفأ الحريق الذى اندلع فى الدور الأول حيث شقة أم سهير ونجح فى إنقاذ الأرملة وبناتها، ولهذا فقد حق أن يتم تكريمه وإطلاق اسمه على الحارة.

لا بأس بالطبع فى تكريم البشر المحليين ونَيْلهم من الحب جانبًا، ولكن ألم يَدُرْ بخاطر لجنة الأنس وهى تختار الاسم أن تفكر فى الناس من خارج الحى أو أن تفكر فى الأجيال التالية، التى سيظل أفرادها يضربون أخماسًا فى أسداس وهم يتخبطون فى تخمينات لا تجد مَن يؤكدها؟!. وإذا كان الأمر هينًا بالنسبة لأسماء الحوارى والعطوف والأزقة الداخلية التى لا يراها غير سكانها، فما القول فى الشوارع المهمة التى تميز وسط العاصمة، والتى يراها الجميع وينظرون فى حيرة إلى لافتاتها دون أن يعرفوا أصحابها.

إن الأمر المتيقن منه هو أن القاهرة تتميز بتكريم أعلامها ومفكريها وأبطالها وشخصياتها المتميزة بإطلاق أسمائهم على الشوارع، وهى فى هذا تختلف عن غيرها من العواصم العربية، التى لا تطلق على شوارعها إلا أسماء الحكام والأمراء، بافتراض أن أبناء الشعب العادى ليس بينهم شخص ذو قيمة، ولكن يتعين على القاهرة وهى تفعل ذلك أن تتلطف وتقول لنا هذا الشخص.. مين أبوه؟.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رجال بلا آباء رجال بلا آباء



GMT 06:02 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 05:58 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 05:54 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 05:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 05:47 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 05:39 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 05:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon