بقلم:أسامة غريب
أسبوعٌ مضى على الضربة الصاروخية الإيرانية ضد مواقع فى إسرائيل، ورغم ذلك فإن الرد الإسرائيلى لم يقع بعد. يتسم هذا الانتظار بغرابة لم يعهدها المجتمع الدولى فى الكيان العدوانى الذى كان فى العادة يبادر بالرد الفورى على أى هجمات يتعرض لها.
البعض يعزو هذا التأخير إلى الهزة التى أصابت القادة الإسرائيليين بعد أن فوجئوا بصواريخ إيران تصيب أهدافها، وهذا أمر لم تعتده تل أبيب التى أحاطت نفسها بشتى أنواع المضادات الجوية لدرجة أنها صارت تضرب وتبطش فى كل مكان دون أن تتعرض لأذى جوى يذكر!.
لكن هناك رؤية أخرى ترى أن هذا التأنى يعود إلى ترتيبات تقوم بها الولايات المتحدة مع باقى أعضاء الناتو، لضمان تحقيق إسرائيل لضربة كاسحة لا تقوم لإيران بعدها قائمة.
من المعروف أن قدرات سلاح الجو الإسرائيلى كبيرة بعد أن مكنتهم واشنطن من التفوق وامتلاك سموات المنطقة، ومع ذلك فإن التأنى والانتظار لا يعودان لقدرة إيران على إعاقة الهجمات الإسرائيلية، إذ أن طيران العدو قادر على قصف كل الأهداف فى إيران، ومع تقديم الغرب إمكاناته التكنولوجية فإن الخسائر الإيرانية تصبح مؤكدة. ما الذى يؤخر الضربة إذًا ما دامت مضمونة النتائج؟ ما يؤخر الضربة هو إدراكهم لقدرة إيران بعد تلقى الضربة على تسديد ضربة جديدة تكسر عظم إسرائيل.
الانتظار الذى طال يعود إلى التشاور الشيطانى الذى يجمع القادة العسكريين للدول الغربية من أجل خطة يتم بها تعمية الدفاع الجوى الإيرانى مع تعطيل انطلاق الصواريخ الإيرانية نحو أهدافها فى إسرائيل. الانتظار من أجل نسج خيوط ترتيب عسكرى سيبرانى يصيب عشرات آلاف الصواريخ الإيرانية بالعجز ويجعلها فى صوامعها كالبط الكسيح العاجز عن الحركة.
صحيح أن القادة الإيرانيين صرحوا بتجهيزهم عدة خطط للرد على العدوان المرتقب وأن تنفيذ أى خطة منوط بحجم الهجوم الإسرائيلى ومداه.. كل هذا صحيح، لكن ما يرجوه كل رافض لهمجية الوحش الإسرائيلى المنفلت هو أن يكون لدى إيران القدرة على إحباط التخطيط الإلكترونى الذى تعكف عليه معامل الناتو، وأن يكون لديها قدرات إلكترونية مضادة تحبط خطط أعدائها، وأن تأخذ العبرة مما حدث فى لبنان حيث يحوز حزب الله عشرات الآلاف من الصواريخ، ومع ذلك فإن إطلاقها بكثافة تعوقه مخاطر كثيرة تحد من فاعلية سلاح موجود بالفعل فى المخازن!
إذا عجزت واشنطن وتل أبيب ومعهما قدرات العالم الغربى عن ترتيب خطة مناسبة لشل قدرة الصواريخ الإيرانية مع حبسها فى مخازنها، فإن هذا من شأنه أن يحمى إيران من الدمار، لأن إسرائيل مع قدرتها على قصف إيران ستتحسب للضربة المضادة، وهذا من شأنه أن يجعل الرد الإسرائيلى متعقلًا ومنضبطًا بعيدًا عن الانفلات والتسيب والتفلت من الأخلاق والقانون وكل ما ميز اعتداءات إسرائيل طوال العام الماضى كله.