توقيت القاهرة المحلي 18:05:20 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أسطورة الأم المثالية

  مصر اليوم -

أسطورة الأم المثالية

بقلم:أسامة غريب

  ما إن يهل عيد الأم من كل عام حتى تتهيأ القنوات التليفزيونية لتقدم لنا امرأة أو أكثر يقولون إنها الأم المثالية، ثم تمضى البرامج فى مواعظ وبكائيات مفروض أن نحبها ونتأسّى بها.

لا أخفيكم أننى أفزع من فكرة أن يكون هناك شخص مثالى.. هذه الأصناف تُخيفنى، ولا أشعر معها بالأمان أو نحوها بالتقدير، وتُعيد هذه الصفة تذكيرى بالعيال، الذين زاملونى فى المدرسة والجامعة ممن لم يُحسنوا فى حياتهم سوى المذاكرة وحفظ المقررات.. هؤلاء الذين كانوا أقرب إلى الروبوت البشرى دون حياة أو روح، وإنما لهاث من أجل الدرجات العالية ورضا الأساتذة والفوز بلقب الطالب المثالى على حساب الصبا الجميل الملىء بالضحك والمرح والمشاغبة. كنت أشعر بالضيق من هؤلاء الزملاء، ولا أحس بأى شىء يربطنى بهم، خاصة أن تعلقهم بأستار المدرسين وسعيهم لاكتساب محبتهم كان ثمنه فى الغالب القيام بدور الواشى أو المواطن الشريف!. كذلك إذا نظرت إلى الموظف المثالى أو العامل المثالى فى بعض المؤسسات فلن تجده شخصًا طبيعيًّا ممن يمكن مصادقته، وإنما ستجد فى الغالب كيانًا بلاستيكيًّا أقرب إلى الزومبى، وستجده مشغولًا بالمنافسة وتحقيق الفوز لإرضاء المدير، دون أن يحفل بالروابط الإنسانية، التى يصعب أن يكون المتمسك بها والحريص عليها مثاليًّا!.

وبالنسبة للأمهات لم أفهم أبدًا لماذا يجب على الأم أن تكون مثالية؟. ألَا يكفى أن تكون سيدة عادية تفعل ما عليها تجاه بنيها وبناتها؟. لقد تعودنا أن يأتونا كل عام بسيدة يقدمونها على الشاشات بحسبانها أرملة مات زوجها وترك معها أطفالًا صغارًا، فرفضت الزواج، ونذرت نفسها لأولادها، وعاشت محرومة من كل مباهج الحياة حتى تخرّج الأبناء فى الجامعة، وأصبحوا من ذوى المراكز المرموقة.

إن هذه القصة أصبحت تصيبنى بالضيق لأنها مستقاة من زمن الأفلام البالية لعزيزة أمير وفاطمة رشدى. ماذا لو تزوجت هذه السيدة برجل يصونها ويسعدها، فتربى أولادها وتصل بهم إلى نفس النتيجة؟. ماذا لو حافظت على صحتها، وشاركت أولادها الطعام، ولم تحرم نفسها من اللقمة؟.. ألَا تكون أمًّا جيدة إلا إذا أصابتها الأمراض نتيجة الحرمان؟. أنا أعلم حقيقة الفقر الفارش ملاءته على الناس، وأدرك أن الأحوال المادية للكثير من الأسر تجعل الأم والأب يؤثران الأطفال على نفسيهما، لكن الأم التى تسرع نحو الأنيميا والفشل الكلوى لا تسدى خدمة للأولاد، ومن الأفضل أن تأكل معهم حتى لا تموت وتتركهم للضياع والتشرد. ثم إن حدوتة التضحية حتى يكبر الأولاد ويتخرجوا فى الجامعة ويصبحوا من نجوم المجتمع لم تعد واقعية أو معقولة، والواقعى أنهم يتخرجون بلا تعليم حقيقى، ولا يجدون عملًا، وبذلك يُضيعون على الأم فرصة أن تكون مثالية بالمعايير التليفزيونية!. والحقيقة أن الشركات والمؤسسات الخاصة لم تعد تعين أبناء الشقيانين، والوظائف المرموقة صارت محجوزة بعيدًا عن أولاد أى امرأة مكافحة فقيرة.

الأم المثالية هى شىء غير بشرى وغير طبيعى، والإصرار على وجودها يجعلهم يكذبون ليخترعوها اختراعًا!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أسطورة الأم المثالية أسطورة الأم المثالية



GMT 08:37 2024 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

‎6 ساعات فى الوادى الجديد‬

GMT 06:54 2024 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

سقوط الليدي غاغا

GMT 06:51 2024 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

رحاب أصيلة المتجددة

GMT 06:49 2024 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

وقع المحذور... زالَ الحَذَر!

GMT 06:48 2024 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

العرب المبشّرون بنهاية ترمب... من قبلُ

GMT 06:46 2024 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الانتخابات الأميركية بين الضاحكة والمتجهم

GMT 06:44 2024 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الأميركيون معنيون بالهجرة السرية أكثر من حقوق النساء

GMT 06:42 2024 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

السيستاني ومرجعية الدولة

نجوى كرم بإطلالات استثنائية وتنسيقات مبهرة في "Arabs Got Talent"

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 14:39 2024 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الفلفل الحار يساهم في تخفيف الوزن ودعم التمثيل الغذائي
  مصر اليوم - الفلفل الحار يساهم في تخفيف الوزن ودعم التمثيل الغذائي

GMT 14:06 2024 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين الجسمي يتألق في الأهرامات بحضور نجوم الفن
  مصر اليوم - حسين الجسمي يتألق في الأهرامات بحضور نجوم الفن

GMT 05:51 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

سامسونغ تطلق نسخة جديدة من "جلاكسي فولد" القابل للطي

GMT 11:37 2019 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

اعترافات قاتلة طفليها في محافظة الدقهلية

GMT 21:22 2019 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل وفاة 35 معتمرًا وإصابة 4 إثر حادث "مكة"

GMT 00:06 2019 الثلاثاء ,29 كانون الثاني / يناير

رانيا يوسف تنتظر استدعاء النيابة بشأن الفيديو الإباحي

GMT 09:30 2018 الجمعة ,21 كانون الأول / ديسمبر

محمد بن سلمان يلتقط صور"سلفي" في "الفورميلا أي"

GMT 07:39 2018 الإثنين ,03 كانون الأول / ديسمبر

"جزر السيشل" في المحيط الهندي جنة لعشاق الطبيعة

GMT 19:26 2018 الإثنين ,03 كانون الأول / ديسمبر

طبال يبيع زوجته لـ"ثري عربي" مقابل 2000 ريال

GMT 20:52 2018 الأربعاء ,31 تشرين الأول / أكتوبر

المطربة ساندي تتعرض للإصابة خلال تصوير "عيش حياتك"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon