القاهرة - مصر اليوم
تحدثت صفحات الحوادث فى الأيام السابقة عن امرأة تقدمت ببلاغ إلى السلطات اتهمت فيه خمسة عيال بالاتفاق على ممارسة الجنس معها مقابل مبلغ مالى، غير أنهم فعلوا فعلتهم وهربوا دون أن يدفعوا لها أجرتها!. هذا الخبر على بساطته يمثل مأساة مفجعة سوف تصِم هذا العصر بأبشع الصفات وستقدم رموزه بحسبهم رعاة رسميين لدعارة الفقراء.
القصة تبدو عبثية وكأنها حلم كابوسى ثقيل، وأبطالها عبارة عن امرأة فقيرة عمرها 21 سنة دفعها الجوع للتعامل مع مجموعة من الصبيان فى عمر السابعة عشرة، كلهم سائقو توك توك، وسواق التوك توك هو شخص عشوائى يختلف عن الفلاح والموظف والعامل والصنايعى الذى يجيد حرفة. سائق التوك توك هو فى الغالب غلام دخل المدرسة وقضى بها عشر سنوات أو أكثر دون أن يتعلم كتابة اسمه، وهو فى معظم الأحيان طالب أو خريج مدرسة ثانوية زراعية أو تجارية.. أى أنه محسوب على المتعلمين دون أن يكون قد تعلم شيئاً، ومحسوب على الأسطوات دون أن يكون أسطى حقيقياً لأنه لا يجيد إصلاح شىء أو تصنيع شىء، كما أنه لا يُحسن أداء أى عمل مما ينفع الناس ويفيدهم، فـ«التوك توك» فى حقيقته عبارة عن مركبة شريرة تملأ الشوارع، فتعوق وسائل النقل الجماعى عن الوصول لمقاصدها!.. وهذا الوقوع الغريب فى منتصف العدم يمنح صاحبه سمات لا تُخطئها العين.. هو وحش مع الأضعف منه، وهو فى الوقت نفسه الضحية المثالية لأى صايع يريد السطو على أجرة اليوم وسرقة التوك توك. ومن الغريب أن حالة التوك توك هى فى أحد وجوهها شبيهة بعمل المرأة الساقطة، فلو أن صاحب توك توك فقد مركبته فإنه لا يستطيع التقدم ببلاغ للشرطة، ذلك أن التوك توك يعمل دون ترخيص، ولا توجد نمر له أو ملف فى المرور، ولا يمكن لصاحبه إثبات ملكيته له أو حتى التعرف عليه، لو أن السارق غيّر معالمه.
فى العادة لا تستطيع مَن تعمل فى الدعارة أن تشكو الزبائن ولو غدروا بها أو شوّهوا وجهها أو أطفأوا سجائرهم فى جسمها لأنها تعمل فى نشاط يجرمه القانون، بالضبط مثلما لا يستطيع تجار المخدرات أن يُدخلوا الشرطة فى مشاكلهم وخلافاتهم. لكن هذه المرأة على خلاف المعتاد والمتوقع ذهبت بقدميها تشكو اللصوص الذين حصلوا على الخدمة دون أن يدفعوا ثمنها. من المؤكد أن هذه البائسة تشكو من علة عقلية، أو ربما أن الفعلة الإجرامية المتمثلة فى هروب الزبائن هى التى أطارت صوابها وأخرجتها عن طورها، فذهبت بقدميها تعترف للشرطة بممارسة الدعارة.
ليست هذه هى الحدوتة الأولى التى تنشرها الصحف عن حادثة كهذه، فهناك حدوتة «سميحة»، التى حدثت منذ حوالى عشر سنوات، وكان أبطالها أعضاء بمجلس الشعب، وقد التقطوا ذات ليلة واحدة من المومسات، وكان اسمها «سميحة»، وبعد أن قضوا منها وطراً طردوها وأكلوا عرقها.. وبعدها تمت تسمية هؤلاء النواب «نواب سميحة»، لكن الفرق أن «سميحة» لم يُصبها سوء، بل أخذت حقها وزيادة درءاً لفضيحة الحزب الوطنى الذى انتمى إليه النواب، بينما صاحبتنا هذه بدلاً من سترها وإطعامها قد يُزَجّ بها فى السجن، لأن زبائنها مجرد سائقى توك توك!