بقلم : أسامة غريب
فى بداية عام 2005 كنت قد عدت من كندا التى قضيت بها خمس سنوات لأجد مصر فى حالة بالغة التدهور. صاحب هذا التدهور والتكلس الذى فرضه مبارك وعصابته حراك وطنى نشط، تبدّى من خلال حركة كفاية والجمعية الوطنية للتغيير، وبدا أن مصر تحاول أن تنفض ركام ربع قرن من الجمود.
فى ذلك الوقت طالعت للمرة الأولى صحيفتين حديثتى الظهور، لم يمض على بدايتهما شهور قليلة. الأولى اسمها «المصرى اليوم» والثانية اسمها «نهضة مصر» لاحظت أن الصحيفة الأولى تسعى وسط الحالة الصحفية الكئيبة التى سادها النفاق والكذب لأن تقدم شيئاً مختلفاً سواء من حيث الخدمة الخبرية أو من حيث أعمدة الرأى، بينما رأيت الصحيفة الثانية فاقدة للروح رغم حداثة عمرها، وقد أغلقها أصحابها بعد عدة سنوات لندرة التوزيع وضعف التأثير.
عندما تلقيت عرضاً بالكتابة الأسبوعية فى «المصرى اليوم» فإننى قاومت التردد والكسل وبدأت فى رحلة مع القارئ كل خميس. امتدت هذه الرحلة من بدايات 2005 حتى أوائل 2010. ما أذكره بسعادة أن هذه المقالات التى نَشَرَتها لى «المصرى اليوم» فى تلك السنوات كانت ركيزة لكتابين اعتمدت فيهما على ما كنت أكتبه أسبوعياً، وخرج للناس كتاب «مصر ليست أمى.. دى مرات أبويا» ومن بعده كتاب «أفتوكا لايزو».. والمدهش أن مقالاتى بـ«المصرى اليوم» التى ضمها هذان الكتابان حققت «بيست سيلر» فى سوق الكتاب المصرى لعدة سنوات متصلة. لذلك فإننى أدين بالفضل لهذه الجريدة التى قدمتنى للقارئ وجعلتنى أنفض الكسل وأقبل على الكتابة بشهية، ليس هذا فقط، لكن كتاباتى فى «المصرى اليوم» لفتت انتباه مسؤولين فى صحف عربية كتبتُ بها بانتظام بعد أن تعرفوا علىّ من خلال كتاباتى فى «المصرى اليوم».
فى السنوات من 2010 إلى 2013 كنت أخوض تجربة الكتابة فى صحف مصرية أخرى بعد سوء تفاهم مع «المصرى اليوم» لم يؤثر على الود والمحبة، غير أننى عدت لـ«المصرى اليوم» من جديد بداية مارس 2013 فى تجربة ما زالت مستمرة.
خلاصة تجربتى مع هذه الصحيفة أنها تتسم بسماحة لا توجد فى صحيفة أخرى، والسماحة التى أقصدها هى أن يختلف معك رئيس تحريرها فتتركها وتكتب فى غيرها ومع ذلك تظل تحبه وتذكر له فضله، ويظل يحبك ولا يذكرك بسوء.. السماحة من مؤسس الصحيفة الذى ينتقده البعض فى صحيفته ولا يمنع نشر انتقاده.. السماحة فى قدر الحرية التى تعتبر الأصل فى هذه الصحيفة والتضييق هو الاستثناء، فمن بين أكثر من 1000 مقال وعمود كتبته لم يُمنع سوى اثنين فقط لأسباب تفهمتها.. صحيح أننى لا أتعامل مع الصحيفة بنزق فأبعث لها ما يحرجها ويورطها، لكن صحيح أيضاً أنها احتملت منى كتابات غير تقليدية خدشت كل رونق يستحق الخدش!.
أحياناً أعتب على هذه الصحيفة بينى وبين نفسى أنها قد تحتفى بمن لا يصلحون كُتاباً وتنشر لهم موضوعات إنشاء مدرسية، لكنى سرعان ما أخفف العتب وأنا أنظر للأنواء التى تسير وسطها الصحيفة والضغوط التى تتعرض لها، فأقول لنفسى: يكفى أن بها أقل نسبة من كواحيل الكتابة بالقياس للصحف الأخرى. كل سنة و«المصرى اليوم» بخير.
المصدر : صحيفة المصري اليوم