توقيت القاهرة المحلي 20:07:56 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الحمام والشاورمة

  مصر اليوم -

الحمام والشاورمة

بقلم:أسامة غريب

 في إحدى الحدائق بمدينة دوسلدورف جلست وحدى أتناول سندوتش شاورمة عندما حط سرب من الحمام أمام مقعدى المواجه لنهر الراين. اقترب منى الحمام يطلب الطعام، ولما لم يكن معى حبوب تصلح لإطعامه فقد أخذت أقطع له لقيمات بالغة الصغر من السندوتش وألقيها أمامى فيندفع الحمام ويلتقطها في الحال.

لاحظت أن من بين السرب توجد حمامة شرسة تختلف عن الباقين ويمكن القول إنها الفتوة بين أقرانها.

كانت ما إن يلامس الطعام الأرض حتى تنظر بحدة ثم تنقض على الطعام وتأكل معظم فتات الخبز، ولا ينال سواها غير ما يلتقطه أثناء انشغالها!.

لاحظت أنها كانت الأكبر في الحجم بين الجميع وأنهم يخشونها ويتجنبون إغضابها ولا يأكلون غير ما تسهو عنه، وعندما كانت إحدى الحمامات تتجاسر وتمد منقارها إلى لقمة في نطاق الفتوة، فإن هذه كانت لا تتردد في أن تنقرها بقسوة!.

لهذا فقد كنت أقطع الكثير من الخبز وأنثره في دائرة واسعة لأعطى فرصة للآخرين أن ينالوا نصيبًا من الطعام بعيداً عن الوحش الذي يتوسطهم.

أدهشنى أن أجد في دنيا الحمام الوديع أو الذي نظنه وديعاً نفس الغباوة والطمع والأنانية الموجودة لدى جميع المخلوقات، ويبدو أننا اخترعنا فكرة كاذبة عن الحمام اطمأننا لها وصدقناها. بعد قليل كنت قد نثرت الرغيف كله للحمام ولم يتبق في الورقة الملفوف فيها السندوتش سوى قطع الشاورمة التي قمت بإخراجها حتى أستطيع أن أطعم الحمام الخبز

. ما زال أعضاء السرب يحفون بى طلباً للمزيد في حين أننى كنت أشد منهم جوعاً بعد أن نزلت لهم عن غدائى. فكرت في أن أقوم لأشترى لنفسى طعاماً آخر وأحضر للحمام علبة بسكويت، غير أننى خشيت أن هذا السرب قد يطير ويأتى غيره بعد أن تعلقت به، فقررت أن ألقى لهم بقطع اللحم لأرى ماذا هم فاعلون!.

في البداية وجدتهم يتحركون مع حركة يدى ويتجهون حيث تتجه ثم يقتربون من قطع الشاورمة المتساقطة في ريبة يتشممونها ثم يعرضون عنها.. بعد قليل تشجعت كبيرتهم وتناولت قطعة بفمها وأخذت تضربها بالأرض لتقطعها، ثم لدهشتى التهمتها وتقدمت من غيرها وفعلت نفس الشىء.

بعد ذلك اقترب البقية وتعاملوا مع الشاورمة بنفس الحذر الأوّلِى ثم لم يلبثوا أن اندمجوا وأخذوا يأكلون حتى نفدت قطع الشاورمة كلها.

لم أدر هل هذا طبيعى أم أن هذا السرب بالذات يتسم بالنزق وحب التجربة، لكنى تصورت أن الجوع قد يُخرج الكائنات عن طبائعها ويجعل أرقّ الطيور تأكل اللحم، وهى هنا تُعتبر في حكم المضطر الذي لا جناح عليه، كما أنه لا يُخشى من أن تتغير سمات الجنس كله فيصبح من أكلة اللحوم لأنها مجرد مرة وعدّت.

تعلمت من هذا المشهد أن للضرورة أحكاما قاسية، لهذا لا ينبغى لها أن تطول وإلا تحول الجنس كله إلى نوع مختلف، فنجد الأسد يأكل البرسيم، ونَلقى الحمام وقد أصبح من أكلة اللحوم والعياذ بالله!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحمام والشاورمة الحمام والشاورمة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 11:07 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

سعر الذهب في مصر اليوم الجمعة 24 كانون الثاني يناير 2020

GMT 00:28 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

خالد النبوي يكشف كواليس تدريباته على معارك «ممالك النار»

GMT 14:08 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحوت" في كانون الأول 2019

GMT 00:09 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

ارتدي جاكيت الفرو على طريقة النجمات

GMT 20:08 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة تصدر 9 قرارات تهم المصريين "إجازات وتعويضات"

GMT 08:01 2019 الأربعاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

عرض فيلم "الفلوس" لتامر حسني أول تشرين الثاني

GMT 08:44 2019 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

إنجي علي تفاجئ فنانا شهيرا بـ قُبلة أمام زوجته
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon