توقيت القاهرة المحلي 21:02:43 آخر تحديث
  مصر اليوم -

جمهرة من الأوغاد

  مصر اليوم -

جمهرة من الأوغاد

بقلم:أسامة غريب

سؤال فلسفى يطوف بخيالى: هل المنافق يغضب ويشعر بالغيرة لوجود منافقين آخرين ينافسونه ويضيقون عليه فرص المكسب والقرب من أصحاب النفوذ، أم أنه يشعر بالسعادة كلما زاد عدد اللاعبين وامتلأ الملعب بهم لأن ذلك يعطيه شعورًا بالونس ويرفع عنه الإحساس بالضعة والرخص عندما يشعر بأن ما يفعله ليس فقط عاديًا وطبيعيًا وإنما مرغوب وله تلامذة مشتاقون يتحينون الفرصة؟

لوذعية هذا السؤال تكمن فى أنه قد تكون له إجابات متعددة وليست إجابة واحدة، والأمر هنا يتوقف على زاوية الرائى وموقفه من الموضوع. ولعل هذا السؤال يستدعى للذهن موقفًا فلسفيًا آخر كشفت عنه كتابات الفيلسوف الشهير «فريدريك نيتشه» عندما قال إن الأخلاق هى اختراع الفقراء الذين ابتدعوا مفهوم الأخلاق لحمل السادة الأغنياء على الترفق بهم وعدم الإيغال فى المظالم.. بينما يرى كارل ماركس أن الأخلاق هى صناعة الأقوياء والمترفين لاستعباد الضعفاء والمعدمين، وضمان بقاء ونماء مصالحهم.

ويرى ماركس الأخلاق انعكاسا لعلاقات الإنتاج.. وعليه فالطبقة المسيطرة اقتصاديًا هى الطبقة التى تفرض قيمها وأخلاقها فى كل العصور والمجتمعات، سواء كان ذلك فى النظام الإقطاعى أو الرأسمالى.

أما نيتشه فيرى أن أخلاق الرحمة والصبر والإحسان هى حيلة من ابتكار الضعفاء والفقراء لكى يخدعوا بها الأغنياء الأقوياء ويأخذوا منهم مكاسب ومنافع، فالفقراء بعد أن يفقدوا كل وسائل الصراع والمقاومة يلجأون إلى حيلة الأخلاق لكى يحصلوا على المنافع من الأغنياء، والأخلاق تعتبر مبررا مناسبا يقنع الضعيف نفسه بأنها هى السبب فى فشله وتخلفه.

ويرى نيتشه أن الرحمة والتضحية والعطف هى أخلاق الرعاع والغالبية العاجزة التى لا توجد بها الروح الفردية، وهى مليئة بخداع النفس، فالزهد والتقشف والشفقة مثلًا هى أنانية مستترة، فنحن نشفق على الغير لخوفنا من أن يصيبنا ما أصابهم، وحتى زيارتنا للمريض تتم من أجل أن نراه فى حالة الضعف ونتشفى فيه!.

أما أخلاق السادة طبقًا لنيتشه فهى الرجولة والشجاعة والإقدام والجرأة وإرادة الاستقلال والاعتماد على النفس ومواجهة المخاطر. ويعتقد نيتشه أنه كلما سيطرت وانتشرت أخلاق السادة تكتلت الأكثرية من أصحاب أخلاق العبيد وانتصرت عليهم بسبب تفوقهم العددى وتسلحهم بحجة مقاومة الشر، فكل ما يصدر عن السادة يسميه العبيد شرًا. ويلاحظ أن كلا من الفيلسوفين الألمانيين عاشا فى القرن التاسع عشر وكانا يشكلان حركتين متنافرتين من حيث الاتجاه.

أعتقد أن الإجابة عن سؤال الأخلاق وهل نشأت على يد الفقراء أم الأغنياء ليست هينة؛ لأن فلسفية السؤال تستولد مزيدًا من الأسئلة عند محاولة طرح أى إجابة، والأمر يتوقف على عوامل عديدة، منها زاوية الرائى وثقافته وانحيازاته وموقعه على السلم الاجتماعى.. وهذا فى ظنى يشبه الموقف من السؤال الذى طرحته فى أول الحديث عن المنافق وما إذا كان يشعر بالغضب إذا ظهر منافسون له أم يشعر بالسعادة لكونه ليس وحيدًا وإنما مجرد وغد ضمن جمهرة من الأوغاد!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جمهرة من الأوغاد جمهرة من الأوغاد



GMT 19:45 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

‫تكريم مصطفى الفقى‬

GMT 09:09 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 09:05 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 09:04 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 09:03 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 09:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجائزة الكبرى المأمولة

GMT 09:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تنظيم «الإخوان» ومعادلة «الحرية أو الطوفان»

GMT 08:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لأميركا وجهان... وهذا وجهها المضيء

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 19:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة
  مصر اليوم - حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:50 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض
  مصر اليوم - منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 10:24 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 09:20 2024 الخميس ,08 شباط / فبراير

نصائح لعرض المنحوتات الفنية في المنزل

GMT 04:36 2024 الإثنين ,14 تشرين الأول / أكتوبر

فئات مسموح لها بزيارة المتحف المصري الكبير مجانا

GMT 15:44 2021 الجمعة ,22 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل حوار باتريس كارتيرون مع رزاق سيسيه في الزمالك

GMT 06:24 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

رينو 5 الكهربائية الجديدة تظهر أثناء اختبارها

GMT 08:54 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

نادية عمارة تحذر الأزواج من مشاهدة الأفلام الإباحية

GMT 00:03 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

كيت ميدلتون ترسل رسالة لنجمة هندية بعد شفائها من السرطان

GMT 07:36 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ياسمين صبري تتألق بالقفطان في مدينة مراكش المغربية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon