توقيت القاهرة المحلي 00:09:42 آخر تحديث
  مصر اليوم -

جمهرة من الأوغاد

  مصر اليوم -

جمهرة من الأوغاد

بقلم:أسامة غريب

سؤال فلسفى يطوف بخيالى: هل المنافق يغضب ويشعر بالغيرة لوجود منافقين آخرين ينافسونه ويضيقون عليه فرص المكسب والقرب من أصحاب النفوذ، أم أنه يشعر بالسعادة كلما زاد عدد اللاعبين وامتلأ الملعب بهم لأن ذلك يعطيه شعورًا بالونس ويرفع عنه الإحساس بالضعة والرخص عندما يشعر بأن ما يفعله ليس فقط عاديًا وطبيعيًا وإنما مرغوب وله تلامذة مشتاقون يتحينون الفرصة؟

لوذعية هذا السؤال تكمن فى أنه قد تكون له إجابات متعددة وليست إجابة واحدة، والأمر هنا يتوقف على زاوية الرائى وموقفه من الموضوع. ولعل هذا السؤال يستدعى للذهن موقفًا فلسفيًا آخر كشفت عنه كتابات الفيلسوف الشهير «فريدريك نيتشه» عندما قال إن الأخلاق هى اختراع الفقراء الذين ابتدعوا مفهوم الأخلاق لحمل السادة الأغنياء على الترفق بهم وعدم الإيغال فى المظالم.. بينما يرى كارل ماركس أن الأخلاق هى صناعة الأقوياء والمترفين لاستعباد الضعفاء والمعدمين، وضمان بقاء ونماء مصالحهم.

ويرى ماركس الأخلاق انعكاسا لعلاقات الإنتاج.. وعليه فالطبقة المسيطرة اقتصاديًا هى الطبقة التى تفرض قيمها وأخلاقها فى كل العصور والمجتمعات، سواء كان ذلك فى النظام الإقطاعى أو الرأسمالى.

أما نيتشه فيرى أن أخلاق الرحمة والصبر والإحسان هى حيلة من ابتكار الضعفاء والفقراء لكى يخدعوا بها الأغنياء الأقوياء ويأخذوا منهم مكاسب ومنافع، فالفقراء بعد أن يفقدوا كل وسائل الصراع والمقاومة يلجأون إلى حيلة الأخلاق لكى يحصلوا على المنافع من الأغنياء، والأخلاق تعتبر مبررا مناسبا يقنع الضعيف نفسه بأنها هى السبب فى فشله وتخلفه.

ويرى نيتشه أن الرحمة والتضحية والعطف هى أخلاق الرعاع والغالبية العاجزة التى لا توجد بها الروح الفردية، وهى مليئة بخداع النفس، فالزهد والتقشف والشفقة مثلًا هى أنانية مستترة، فنحن نشفق على الغير لخوفنا من أن يصيبنا ما أصابهم، وحتى زيارتنا للمريض تتم من أجل أن نراه فى حالة الضعف ونتشفى فيه!.

أما أخلاق السادة طبقًا لنيتشه فهى الرجولة والشجاعة والإقدام والجرأة وإرادة الاستقلال والاعتماد على النفس ومواجهة المخاطر. ويعتقد نيتشه أنه كلما سيطرت وانتشرت أخلاق السادة تكتلت الأكثرية من أصحاب أخلاق العبيد وانتصرت عليهم بسبب تفوقهم العددى وتسلحهم بحجة مقاومة الشر، فكل ما يصدر عن السادة يسميه العبيد شرًا. ويلاحظ أن كلا من الفيلسوفين الألمانيين عاشا فى القرن التاسع عشر وكانا يشكلان حركتين متنافرتين من حيث الاتجاه.

أعتقد أن الإجابة عن سؤال الأخلاق وهل نشأت على يد الفقراء أم الأغنياء ليست هينة؛ لأن فلسفية السؤال تستولد مزيدًا من الأسئلة عند محاولة طرح أى إجابة، والأمر يتوقف على عوامل عديدة، منها زاوية الرائى وثقافته وانحيازاته وموقعه على السلم الاجتماعى.. وهذا فى ظنى يشبه الموقف من السؤال الذى طرحته فى أول الحديث عن المنافق وما إذا كان يشعر بالغضب إذا ظهر منافسون له أم يشعر بالسعادة لكونه ليس وحيدًا وإنما مجرد وغد ضمن جمهرة من الأوغاد!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جمهرة من الأوغاد جمهرة من الأوغاد



GMT 10:25 2024 الأربعاء ,18 أيلول / سبتمبر

ألطاف ترومان

GMT 10:23 2024 الأربعاء ,18 أيلول / سبتمبر

عن تسوية الملعب الدولي: قمة المستقبل

GMT 10:21 2024 الأربعاء ,18 أيلول / سبتمبر

الحقّ الفلسطيني وحياة القادة وموتهم!

GMT 10:19 2024 الأربعاء ,18 أيلول / سبتمبر

نكسة لبنان الرقمية

GMT 10:17 2024 الأربعاء ,18 أيلول / سبتمبر

وسواس العظمة يفسد الناس

GMT 10:15 2024 الأربعاء ,18 أيلول / سبتمبر

عودة «النووي» الإيراني إلى الواجهة

GMT 10:13 2024 الأربعاء ,18 أيلول / سبتمبر

الحل الإقليمي للقضية الفلسطينية

GMT 10:11 2024 الأربعاء ,18 أيلول / سبتمبر

صواريخ زيلينسكي وحافة الفوضى العالمية

ياسمين صبري بإطلالات أنيقة كررت فيها لمساتها الجمالية

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 16:38 2024 الأربعاء ,18 أيلول / سبتمبر

إطلالات مختلفة تناسب قصيرات القامة من وحي منى زكي
  مصر اليوم - إطلالات مختلفة تناسب قصيرات القامة من وحي منى زكي

GMT 08:13 2024 الأربعاء ,18 أيلول / سبتمبر

الضوء في الليل يزيد فرص الإصابة بالسكري
  مصر اليوم - الضوء في الليل يزيد فرص الإصابة بالسكري

GMT 23:07 2024 الأربعاء ,18 أيلول / سبتمبر

أحمد رزق يتعاقد على مسلسل «سيد الناس» رمضان 2025
  مصر اليوم - أحمد رزق يتعاقد على مسلسل «سيد الناس» رمضان 2025

GMT 18:46 2017 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

دار Blancheur تعلن عن عرض مميز لأزياء المحجبات في لندن

GMT 10:03 2020 السبت ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

طريقة عمل الفاصوليا البيضاء

GMT 04:45 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الأمن المصري يكشف حقيقة اختطاف فتاة في منطقة "المعادي"

GMT 10:07 2020 السبت ,10 تشرين الأول / أكتوبر

الصحة: تسجيل 106 إصابات جديدة بـ كورونا و12 وفاة

GMT 11:56 2020 الخميس ,13 آب / أغسطس

7 أشكال غريبة لرفوف الكتب تعرفي عليها

GMT 17:04 2020 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

مستشار الرئاسة التركية ياسين أقطاي يوجه رسالة إلى مصر

GMT 08:00 2019 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سيات أتيكا 2020 في مصر رسميًا

GMT 03:29 2019 الثلاثاء ,25 حزيران / يونيو

داليا مصطفى تتعرَّض لعملية نصب وتُحذِّر الفنانين

GMT 08:30 2019 الأحد ,23 حزيران / يونيو

تصميمات "الفيونكة" تزيّن مجوهرات العروس في 2019

GMT 17:44 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

بلاغ ضد هالة صدقي بسبب فيديو "حثالة المجتمع"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon