توقيت القاهرة المحلي 20:07:56 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الفشخرة والمنتَج الهزيل

  مصر اليوم -

الفشخرة والمنتَج الهزيل

بقلم:أسامة غريب

تُعتبر دراما الأوبرا من أكثر الفنون المسرحية الموسيقية الغنائية صعوبة لما تتطلبه من قدرات عالية فى الغناء والموسيقى والرقص التعبيرى، إضافة إلى عناصر الحركة والديكور، كما أنها تحتاج إلى جمهور نوعى يملك ثقافة خاصة تمكنه من فهم ما يدور على خشبة المسرح، وهذا يجعلها من أكثر الفنون نخبوية.

من أشهر دُور الأوبرا فى العالم دار أوبرا فيينا التى افتُتحت عام ١٨٦٩، ودار أوبرا سيدنى التى بُنيت على شكل سفينة شراعية ضخمة، ودار أوبرا ميتروبوليتان فى نيويورك، ودار الأوبرا المجرية، وغيرها من الدُّور الشهيرة حول العالم. دعانى إلى الحديث حول دُور الأوبرا ما أشعر بأنه حالة من الإسراف لدى بعض دول العالم الثالث ورغبتها المحمومة فى بناء دُور للأوبرا كما لو كان وجود الدار وحده فى وسط بائس متخلف دليلًا على التحضر والرقى، أو كأن دار الأوبرا كبناء يملك عصا سحرية بمقتضاها يمكن أن تنقل مجتمعًا قبليًّا متحجرًا، العلاقات الاجتماعية به أقرب إلى العبودية، من حالة تعسة إلى حالة راقية متسامحة فى غمضة عين!. الغريب فى الأمر أن بناء مسرح أو عدة مسارح عادية غير باذخة هو الأقرب للاعتقاد بأن حركة فنية قد تنمو وتتزايد فى المستقبل، أما البناء المهول لدار أوبرا جبارة بالتجهيزات التقنية العالية فهو فى رأيى دليل على الرغبة فى الاستعراض أكثر من أى شىء آخر. دليلى على هذا هو شىء لا يعلمه بالتأكيد مسؤولو الثقافة فى البلاد العربية، وهو أن الأوبرات الكبيرة قد توقّف تأليفها منذ سنوات طويلة.

لم يعد أحد يقوم بتأليف وتلحين أوبرا جديدة، وما يقدم على دُور الأوبرا الكبيرة فى العالم هو الأوبرات الكلاسيكية التى صُنعت فى القرن الماضى والقرن الذى يسبقه، مثل أوبرا عايدة وأوبرا دون جيوفانى وأوبرا أعراس فيجارو وغيرها، والسبب طبعًا هو أن المجهود الخرافى الذى يُبذل فى تأليف الأوبرا قد لا يجد جمهورًا مساندًا فى العصر الحديث، هذا فضلًا عن أن مغنى ومغنيات الأوبرا يجب أن تكون لهم مواصفات جسدية وصوتية خارقة، ولقد اعتدنا أن نرى النساء اللاتى يتصدرن بطولة العروض الأوبرالية من ذوات الأجساد الضخمة التى يمكنها احتواء رئتين كبيرتين يتم ملؤهما بالكثير من الهواء حتى يخرج الصوت بالقدر المطلوب، وهذا يوضح ندرة العثور على مَن يصلحون للعمل الأوبرالى من الرجال والنساء. وبسبب المجهود الكبير فإن حفلات الأوبرا لا تُقدم بشكل يومى أبدًا، وقد يتم الاكتفاء بأربعة أو ستة عروض فى الشهر على الأكثر.. فكيف بالله بعد كل ذلك نجد بعض بلادنا الحلوة تنفق المليارات على بناء دار للأوبرا لن يغنى فيها فى أحسن الأحوال إلا مطربون عاديون يقدمون عروضًا لا تحتاج إلا لساحة فسيحة بها جمهور يتراقص دون أن يستمع ولا يحتاج إلا للإيقاع والسقفة؟.

فى بلاد العالم الأول يقدمون العلم الحقيقى فيما يسمى مدرسة الطب ومدرسة الحقوق ومدرسة العلوم، أما فى العالم الثالث فاسمها كليات وجامعات وأكاديميات، لزوم الفشخرة، رغم هزال المنتج!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الفشخرة والمنتَج الهزيل الفشخرة والمنتَج الهزيل



GMT 09:17 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 09:13 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب اعتزاز ومذكرة مشينة

GMT 09:10 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

العدالة... ثم ماذا؟

GMT 09:08 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان وسؤال الاستقلال المُرّ

GMT 09:06 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شاورما سورية سياسية مصرية

GMT 09:03 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 09:00 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

استقرار لبنان... رهينة التفاوض بالنار

GMT 08:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الاستقلال اليتيم والنظام السقيم

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 09:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يفتح آفاقا جديدة في علاج سرطان البنكرياس

GMT 08:28 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

غوتيريش يدعو مجموعة العشرين لبذل جهود قيادية لإنجاح كوب 29

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 01:54 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

أغنياء المدينة ومدارس الفقراء

GMT 09:59 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

نجوى كرم بإطلالات استثنائية وتنسيقات مبهرة في "Arabs Got Talent"

GMT 10:29 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

شريف مدكور يُعلن إصابته بفيروس يُصيب المناعة

GMT 12:37 2019 الأحد ,20 كانون الثاني / يناير

طبيب الأهلي يعلن جاهزية الثلاثي المصاب للمباريات
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon