بقلم:أسامة غريب
قام الأمريكان بهندسة الضربة الإسرائيلية على إيران بشكل به من سمات عبقرية الشر الشىء الكثير. فى البداية سمحوا لقادة الكيان بأن يزمجروا ويهددوا ويتوعدوا بأنهم سيمحون إيران من على الخريطة ردا على تجرؤها بقصف إسرائيل، وكانت التصريحات تتوالى بأنهم سيضربون المنشآت النفطية والمفاعلات النووية ولن يتركوا هدفا ذا قيمة دون أن يدمروه. بعد ذلك تفرغت الكرة الأرضية بأكملها لاستعطاف إسرائيل حتى تتنازل وتتفضل بقصف البنى التحتية العسكرية وقواعد الطيران ومنصات الدفاع الجوى والمصانع التى تنتج الصواريخ فقط!. أفاضت الصحف وشبكات التليفزيون فى نقل أخبار الزيارات التى يقوم بها قادة العالم للضغط على إسرائيل حتى لا تتهور وتضرب المنشآت البترولية والنوية فتحدث أزمة عالمية وتسبب تلوثا إشعاعيا بعيد المدى. ومن الواضح أن الفيلم الهندى الذى أخرجه شياطين السياسة فى واشنطن وتل أبيب قد ترك أثره فى الدول العربية، وبالأخص دول الخليج التى ضغطت على الولايات المتحدة حتى تكبح كلبها المسعور، حيث إن إيران لن تتلقى ضربات تدمر قدرتها على تصدير النفط دون أن تحرم الدول المجاورة من نفطها أيضا. أخيرا أبدت إسرائيل كرم أخلاق غير محدود وأعلنت فى بشارة زفتها إلى العالم كله أنها نزولا على طلب الحبايب والقرايب والجيران الطيبين ستوجه ضربة مدمرة بالمواصفات التى ترضى الأصدقاء ولا تحرجهم. وبناء على هذه المعطيات فإن إسرائيل بعد أن وجهت ضربة مقبولة دوليا إلى إيران فجر السبت ٢٧ أكتوبر فإنها تنتظر الشكر من دول العالم لأنها استجابت لمطالبهم المعقولة، وأصابت الدفاع الجوى ومصانع الصواريخ والرادارات فقط!. ومن الطبيعى، والحال هكذا، أن تحمد إيران ربها على نجاتها من الدمار الشامل ولا تفكر فى الرد، حيث إن الكرم الحاتمى الإسرائيلى قد لا يكون موجودا فى المرة القادمة!.
هذا هو الفيلم الأمريكى الإسرائيلى الذى تم إخراجه بإتقان. وبعيدا عن الفيلم فإن إسرائيل لم تكن تنوى أو تفكر فى ضرب المشروع النووى الإيرانى لإدراكها أن إيران قادرة على استهداف مفاعل ديمونة وإمطاره بمئات الصواريخ. كذلك لم تكن تفكر فى ضرب منشآت الطاقة ومحطات الكهرباء لعلمهم بقدرة طهران على تدمير منصات الغاز والبترول ومحطات الكهرباء وإعادة المستوطنين للقرن الثامن عشر.
.. إسرائيل طاقة شر عدوانية، ومع ذلك فإن قدرة إيران على إصابة العمق الإسرائيلى بدقة جعلتها تفكر بعمق وهى تهندس ردها الانتقامى. الحقيقة الآن بعيدا عن التهويل والتهوين على رأى السيد خامنئى أن إيران تعرضت لضربة قوية وإذا لم ترد فإنه ستتم استباحتها عن قريب. أما التماهى مع حالة الارتياح الدولية الزائفة والتظاهر فى إيران بإن شيئا لم يحدث، وذلك من أجل خفض التصعيد ونيل رضا المجتمع الدولى فهو شديد الخطورة، ذلك أن العدو الخبيث سوف يتعامل مع إيران كأنها سوريا ويُحدث فيها التدمير على المزاج وكلما أراد، وسوف يترك الدولة الكبيرة التى بنت قدراتها الذاتية بالعرق والدموع كومة تراب. سيحطمها بالكامل لكنه سيستثنى المنشآت النووية وآبار البترول حتى لا يُغضب المجتمع الدولى!.