توقيت القاهرة المحلي 05:04:16 آخر تحديث
  مصر اليوم -

إبداع عقارى!

  مصر اليوم -

إبداع عقارى

بقلم:أسامة غريب

أثناء إقامتى فى بلد عربى كنت أحيانًا أتفقد المعارض العقارية التى كانت تُقام بالفنادق الكبرى، ويقوم فيها العارضون بتقديم ما لديهم من شقق وفيلات وشاليهات وقطع أراضٍ. وكانت رحلة هؤلاء العارضين تشمل فى الغالب عدة دول خليجية بهدف البيع من بعض ما لديهم من ثروة عقارية مطروحة للبيع.

كانت بعض الشركات تلتزم الأمانة فيما تعرض، وبعضها تمارس مهارات التلاعب، فلا يتطابق ما تعرضه مع الواقع الفعلى، وقليل من الشركات كانت تمارس النصب الصريح، فتبيع الشقة الواحدة لأكثر من مشترٍ، وأحيانًا يتضح أن العقار غير مملوك لمَن باعه، أو أن العقار لا وجود له من الأساس!. وعقب كل معرض كنا نشهد منازعات شديدة بين مَن تعرضوا للنصب وبين السادة النصابين. فى بعض الحالات كان المظلوم الذى سرقوا شقاء عمره يتهور ويثأر بيده من النصاب عندما يعجز القانون عن إنصافه. كنت أسلى نفسى بالفرجة على العارضين ومحاولة فرز النصاب منهم بمجرد النظر، وكثيرًا ما كانت نظرتى فيهم تصيب. وقد لاحظت ذات مرة تزاحمًا عند أحد العارضين وكان يبيع قطع أراضٍ فى الساحل الشمالى فى منطقة مميزة للغاية.. وتأكيدًا للمصداقية كان يحمل معه صورًا للأوراق التى تؤكد ملكيته للأرض التى يبيعها ممهورة بكل أنواع الأختام. وما جعل التزاحم عليه يشتد هو الشروط الميسرة التى كان يبيع بها، إذ كان يكتفى بالحصول على مبلغ رمزى هو خمسون دولارًا كعربون، مع كتابة عقد ابتدائى، ثم ينتظر زيارة العميل له فى مكتبه بالقاهرة لجدولة باقى المبلغ على عدة سنوات.

زارنى هذا الشخص فى مكتبى قبل عودته إلى مصر بعد أن باع القطع كلها، وقد دخل علىَّ معاتبًا لتفويتى الفرصة وعدم حجز قطعة أرض، غير أنه أسرَّ لى بأن فى حوزته قطعتين لم يتصرف فيهما، إحداهما على البحر مباشرة وهو يريدها أن تكون من نصيبى. لم أدْرِ ما الذى حدث لى.. انفجرت فى عاصفة من الضحك فشلت فى السيطرة عليها، وكلما توقفت عاودت الضحك من جديد، وسط ذهول الرجل الذى بدا عليه الحرج والارتباك. سألنى: ممكن أفهم ما الذى يضحكك؟. قلت له: عبقريتك يا أستاذ.. عبقريتك هى التى تضحكنى، فأنت تختلف عن كل زملائك من الذين يقعون فى شر أعمالهم، إذ يحصلون من الزبون على مقدم لا يقل عن خمسة آلاف دولار، وعندما يكتشف الأخ أنه تعرض للنصب لا يتردد فى الذهاب إلى محامٍ ورفع قضية، بل لا يتردد بعضهم فى الاعتداء البدنى على النصاب.. أما أنت فلا تثير غضب أحد على الإطلاق.. أنت فنان وصاحب ستايل فريد.. إن أقصى ما يفعله شخص تعرض للنصب فى خمسين دولارًا هو أن يضحك مستهزئًا من نفسه، ثم يقرر نسيان الموضوع. هذا هو أقصى ما سيفعله، لكنه لن يذهب أبدًا إلى محامٍ أو يرفع قضية تكلفه الآلاف من أجل استرداد مبلغ بسيط.. هل عرفت لماذا أضحك أيها الفنان الموهوب؟!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إبداع عقارى إبداع عقارى



GMT 06:02 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 05:58 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 05:54 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 05:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 05:47 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 05:39 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 05:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon