توقيت القاهرة المحلي 22:45:33 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حاجة تِكسف!

  مصر اليوم -

حاجة تِكسف

بقلم:أسامة غريب

كان الوقت ليلا عندما اقتربتُ من محطة المترو فى أحد أحياء باريس الهادئة، وكلما توجهت إلى أحد المداخل وجدته مغلقا. بعد قليل لمحت أحد السائرين فتوجهت نحوه وسألته بالفرنسية عن مكان دخول المحطة. نظر نحوى ثم رد بالعربية قائلا: تعالى معى.. كان من أبناء المغرب، سرت معه وبعد قليل وصلنا للمدخل ونزلنا السلالم فوجدت بوابات الدخول بينما لم أجد شباكا للتذاكر ولا ماكينة للشراء الأوتوماتيكى.

وقفت فى حيرة فقال لى رفيقى: لا تضايق نفسك، سنجد حلا. قال هذا ثم جعلنى أتقدم أمامه قبل أن يُخرج تذكرته ويمررها أمام الماكينة فينفتح الطريق وأدخل ويدخل هو ورائى بنفس التذكرة!.. لقد أكرمنى الرجل سُحتا أى جعلنى أضحك على فرنسا وأدخل المحطة بدون تذكرة.. ولقد لاحظت فى فرنسا بالذات أن كمية المزوغاتية الذين يركبون بالمجان مهولة، وهو الأمر الذى لا يمكن أن تجده فى لندن أو نيويورك مثلا. وربما يكون هذا عائدا إلى عدد العاطلين المقيمين بباريس وأغلبهم من العرب والأفارقة الفرانكفونيين.

عادت بى الذاكرة إلى سنوات بعيدة عندما زرت باريس أثناء سنوات الدراسة الجامعية. وقتها كان من أدبيات المرحلة أنّ الشخص الذى يقطع تذكرة هو المغفل المدلل الذى أخذ قرشين من ماما وجاء ليصرفهم، أما الذى يقفز من فوق الماكينة فهو ابن البلد الجدع الذى جاء إلى باريس مفلسا وينوى العودة متوجا بأكاليل الغار ومعه الفلوس، وقد تكون بصحبته فتاة فرنسية!. ركبت المترو واشتعل عقلى بالتفكير.. ما هذا الذى فعلته وكيف طاوعت الشاب المغربى على الركوب المجانى؟ ليست المسألة صحوة ضمير بقدر ما هو التحسب مما سيحدث عند الخروج.

لقد كان الدخول سهلا ووجدت نفسى بالداخل قبل أن يتاح لى الوقت لأفكر أو أرفض، أما الآن فإن الفضيحة ستكون بجلاجل عند الخروج. وقف المترو عند محطة «جار دو نور» فنزلت وأنا أقدم رجلا وأؤخر الأخرى.. المحطة كبيرة جدا وماكينات الخروج منتشرة، والجمهور يتدفق على الماكينات، يدفع الواحد بتذكرته فتنفتح البوابة الصغيرة سامحة له بالخروج.

لاحظت أن وراء كل راكب يخرج بشكل شرعى واحد آخر غير شرعى يندفع خلفه ويخرج قبل انغلاق الباب. قلت لنفسى: هل يليق بك بعد هذا العمر أن تخرج هكذا مثل المشردين واللصوص؟ لقد ولّى الزمن الذى كنتُ فيه لا آبه لمثل هذه الأمور وأعدها ضمن شقاوة المرحلة، أما الآن فلا أستطيع مجرد تخيل أن يمسكنى شرطى أو حتى يلمحنى مواطن وينظر لى باحتقار.. يا له من موقف!. أخذت قرارا بأن أخبر أحد الموظفين أننى فقدت التذكرة ثم أدفع الغرامة المطلوبة وأنصرف.

عثرت على أحد العاملين وأخبرته بالموقف فسألنى: وماذا تريد؟ قلت أريد أن أخرج. أشار إلى الماكينات قائلا: اخرج مثل هؤلاء!.. قلت: أريد أن أدفع ثمن التذكرة وأخرج. قال: هذا ليس من شأنى، ثم تركنى وانصرف. نظرت له مندهشا.. يبدو أنه غاضب من فرنسا!.. وقتها وجدت موجة من الركاب تندفع نحو البوابات فما أشعر إلا وأنا معهم خارج المحطة.. يا دى الكسوف!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حاجة تِكسف حاجة تِكسف



GMT 06:02 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 05:58 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 05:54 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 05:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 05:47 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 05:39 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 05:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon